أنا ليا عرق تركي!

 


كثيرًا ما يتردد على أسماعنا عبارات مثل "أنا ليا عرق تركي"، " أصل أنا مش بشتري غير مستورد بس"، "أصل أنا مش بعرف أتكلم عربي كويس" وغيرها من العبارات الشائعة التي تقلل من قيمة مصر والجنس المصري وقيمة اللغة العربية.

وهذا وإن كان يبدو فخرًا لهؤلاء الذين يرددونه دائمًا وكأنهم بلغوا الجبال طولا، إلا أنه في حقيقة الأمر مرض نفسي يدعى "عقدة الخواجة".

وهذا المرض النفسي شائع في مصر، فالمصابون بهذا المرض يشعرون دائمًا بالنقص والدونية عن الإنسان الغربي ولتعويض ذلك النقص، فإنهم يلجؤون إلى تقمص شخصية الإنسان الغربي في شتى جوانب الحياة.

وسنرصد لكم في ذلك المقال أشكال عقدة الخواجة وأسبابها وسبل التعافي من ذلك المرض.

 

أولاً: أشكال عقدة الخواجة:

عقدة الخواجة، كما ذكر من قبل، هو مرض نفسي وفيه يتم إعطاء أهمية كبيرة لما هو من الخارج بشكل عام. لذلك فهو ليس محصورًا على شكل واحد بل له أوجه متعددة. ومن أهم تلك الأوجه:


1- التفاخر بالعرق الخارجي

فهناك الكثيرون الذين يرددون " أنا ليا عرق تركي، إنجليزي، فرنسي...إلخ".

ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يقللون من قيمة هؤلاء الذين لم يختلطوا بالأجانب وحافظوا على تقاليدهم وهويتهم.

 

2- شراء الملابس

هذا من أكثر الأمثلة الشائعة فتجد الفتايات والفتيان يتصارعون لشراء أحدث الماركات العالمية من الخارج ظناً بأن ذلك الثوب المستورد يرفع من شأنهم، ومن المؤكد أنكم تسمعون عبارات في المحال التجارية مثل" المحل كل حاجته مستوردة يا فندم".

أو عندما يسأل زبون عن سر غلو قطعة من الملابس فأول رد من البائع" يا فندم أصل دي قطعة مستوردة من بره".

والمضحك في الأمر أن كثير من المصريين لا يعلموا أن أجود أنواع القطن هو القطن المصري والذي يتم أستيراده من عديد من الدول الأوروبية وأمريكا، ولكنهم لا يتحدثون عن ذلك حتى إن علموا بالأمر!!

 

3- التعليم (الشهادات)

إذا التحقا طالبان بكلية الطب وحصلا على نفس الشهادة إلا إن أحدهما حصل عليها من الخارج هيتقال " ده دكتور عليه القيمة، دا واخد شهادته من برا".

وذلك الطالب الذي حصل عليها من بلاده لن يتم تقديره " ومش هيتعمل عليه صيت زي اللي واخدها من بره"، " طب ليه؟" " عشان هو واخدها من برا وبس!!".

وهذه هي بعض النماذج البسيطة من " عقدة الخواجة" ولكن يوجد أكثر من ذلك بكثير بداية من الأفتخار بالنسب من الخارج وصولاً لثقافة السيلفي والطعام الغربي الذي سيطر على مصر إلى تسريحات الشعر والموضة الغربية الصارخة التي صارت جزءًا لا يتجزأ من ثقافة الشعب المصري.

لكن السؤال الأهم هو لماذا سيطرت "عقدة الخواجة" على المصريين إلي هذا الحد؟!

 

ثانياً: أسباب عقدة الخواجة:

تتمثل أسباب عقدة الخواجة في شقين أساسين هما: كثرة الأحتلالات على مصر وضعف الحكومة في مواجهة تلك الأزمة بعد رحيل الاحتلال، ومن أبرز هذه الأسباب:

 

1- كثرة الدول المحتلة لمصر

يعد السبب الرئيسي في ظهور ذلك المرض، فأغلب دول الاحتلال التي جاءت مصر كانت تعمل على تقليل من شأن المواطن المصري وكانت ثبث فيه طاقة سلبية كونه "مصري" ولعل أسوأ الأحتلالات التي عملت عللى ذلك هو " الأحتلال التركي" يليه " الاحتلال الإنجليزي".

فالاحتلال التركي مكث ما يقارب ال 300 عام وعمل خلالها على تقليل قيمة المواطن المصري من خلال استعباده، فقد كانوا حقاً يعتبرون المصريين عبيداً لهم.

ولذلك فكان المصريون يعتبرون زواج تركي من مصرية أو العكس حدثاً يرفع من شأنهم، ومن هنا جاء " أنا ليا عرق تركي". والأمر نفسه مع الأحتلال الأنجليزي.


2- ضعف الحكومة في مواجهة تلك الأزمة بعد رحيل الأحتلال:

للأسف الشديد لم تعمل الحكومة المصرية على معالجة ذلك المرض فور خروج الأحتلال.

فقد خرج الاحتلال من بلادنا ولكنه ظل محتلاً عقولنا. فبدلاً من أن تقوم الحكومة بدعم نفسية المواطن المصري، ظل تقدير الأجانب والغرب هو الشغل الشاغل.

وأكبر دليل على ذلك هو أن الحكومة لا تكرم العلماء المصريين إلا إذا كُرموا من الخارج وذيع صيتهم.

ففي هذه الحالة فقط ترى وسائل الأعلام يتسابقون لسبق صحفي مع ذلك العالم. والذي يؤكد ذلك أيضاً هو تقدير أي شخص مصري حامل "للبسبور الأمريكي أو الأنجليزي" كما حدث في مشهد الطائرة في فيلم " عسل أسود" للفنان أحمد حلمي. لذلك فإن تلك الأزمة ستتفاقم إن لم نُضع لها حلولاً.

 

ثالثاً: كيفية التخلص من "عقدة الخواجة"

أولاً يجب الأعتراف بأن "عقدة الخواجة" ما هو إلا مرض نفسي ينبغي التعافي منه. جاء ذلك المرض نتيجة لترسبات سنوات عديدة لذلك فالتخلص منه أمر سيلزم وقت لكنه ليس مستحيلاً لأصحاب الإرادة القوية.

وهذه هي بعض النصائح إذا كنت تريد التعافي من ذلك المرض يا عزيزي:

أولاً: أرفع رأسك فوق أنت مصري، تذكر أجدادك وأباءك الذين شيدوا حضارة لم يسبق لها مثيل يعجز الغرب حتى الآن معرفة أسرارها.

ثانياً: لا ينبغي تقليد الغرب " في الرايحة والجاية" بل نأخذ منهم ما ينفعنا وما يتفق مع عاداتنا وتقاليدنا وديننا وبذلك فأنت تعمل على الحفاظ على هويتك أيها المصري.

ثالثاً: أدعم الحكومة، ففي الأونة الأخيرة قامت مصر بحملات حتى تواجه تلك الأزمة مثل " بكل فخرصنع في مصر" والتي تحاول جاهدة إستعادة ثقة المواطن المصري من خلال طرحها لمنتجات مصرية عالية الجودة تنافس بها المنتجات الأجنبية. فلا ينبغي أن نغض بصرنا ونصم آذاننا عن المجهوادات التي تبذل من الحكومة لمجرد إعتقاد " إن برا دايما أحسن."


وفي الختام، "عقدة الخواجة" هو داء خطير وهو مرض لا ينبغي التفاخر بيه أبدًا بل في هو يحط من قيمة المواطن المصري، فيا آيها المصري "متبقاش زي العرق يمد لبرا". 

أحدث أقدم