الطلاق وأضراره النفسية والجسدية |
كتبت - راضية عميرات وسارة هاني
صدر
الحكم.. دقت المطرقة.. الحكم هو الطلاق وإنهاء رباط الزواج المقدس بين الطرفين وذويهما
في قاعة المحكمة، وقد يكون هناك أولاد أيضا.
فجأة
سيمر على كلاهما شريط بداية العلاقة، علاقة ريطتك بشخص شاركك نفسك تطلعاتك ويومياتك
لمدة معينة، منذ أول تعارف حب ويوم طلب الزواج، كل الذكريات ستحشد نفسها في شريط
يعرض على الذاكرة لحظة سماعك لكلمات القاضي، شريك حياتك أصبح غريبا هو الآن ليس
ملكك.
وفي الحقيقة سوف يواجه كلاً من الزوجين العديد من العواقب عقب إعلان الطلاق، فمع تزايد حالات الطلاق في العالم العربي أصبح لزاماً علينا أن نقوم بتحديد بعض النقاط الهامة والتي تساعدنا في اتخاذ القرار المناسب سواء بالاستمرار في الزواج وإعطاء فرص جديدة للطرفين كسبيل لحل مشكلاتهم بهدوء، أو بإنهاء العلاقة الزوجية واللجوء إلى الطلاق باعتباره الحل الأمثل للتخلص من كل المشكلات التي تقابل الزوجين.
فمن يا
ترى من الطرفين المتضرر أكثر:
على المستوى الاقتصادي
لحظة
مغادرة المرأة لبيتها ستصبح بلا مأوى فعلي سواء كانت بأولاد أم لا، لن يكون لديها
فرصة للراحة النفسية و العلاج من الصدمة أو احتواء ما جرى، فمسؤولياتها قد تعاظمت
بدأ من اللحاق بأمور النفقة و تغطية الحد الأدنى من احتياجاتها و احتياجات
الأولاد، إلى البحث عن سكن آمن و تأمين الكراء في حالة رفضها من السكن العائلي،
أما إذا ثم قبولها فستكون عائق و تنزل نفسها و أولادها منزل العائلة التي أثقلت
شيبة أبويها، و ستعيش نزاعات بينها و بين
إخوتها ناجمة عن تحسسها الزائد وعن بعض تهكمهم وردات فعلهم السلبية من الموضوع ومعاملاتهم
لأولادها في غالب الحالات.
أما
الرجل سيضطر إلى الإنفاق عن امرأة لم تعد له وأولاد يراهم لمدة قليلة مرة في
الأسبوع أو أقل، هذا ما سيشعره بعدم الرضا الداخلي أثناء كل تحويل المبلغ المحكوم
به، وقد يضعف فرصته في الارتباط مجددا بأريحية، سينتقص حتى من سجله المالي للبلوغ
أهدافه أو الاقتراض من البنك.
على المستوى النفسي
سترى
المرأة نفسها ضحية اختيار سيء، منبوذة من كل شيء، تصبح غالبا كثيرة الشكوى، صابة
كل الأسباب في تحطيم أسرتها على شريكها أو طرف ثالث، لن تستطيع تقييم الوضع
بموضوعية إلى حين مرور عدة شهور، هناك ربما تبدأ في تذكر تصرفاتها الخاطئة التي
أججت الخلافات.
وتبدأ
بالندم على سماعها لبعض الآراء من قريب ومن بعيد والتي تخلى أصحابها تماما عنها
الآن، سترى أن أولادها أيتام، ومحرومين مقارنة بأبناء إخوتها أو زملاء في محيطهم
الدراسي.
حالما
تخرج للعمل كمطلقة ستُحاط بنظرة ازدراء من البعض، وشفقة من البعض الآخر، شماتة من
آخرين، وطمع من الكثيرين، سيخيم عليها الشك من نوايا من حولها، وكل من يتقرب منها،
فكما هو متداول يتقرب الذكور من الشباب من المطلقة العاملة بغرض الاستغلال الجنسي
والمالي، وتتعرض لضغوط ومضايقات جامحة من محيط العمل، وخلال تنقلها، قد تطلق في
حقها إشاعات أول من يسارع في تصديقها هو طليقها وأهله، ما يجعلها في دوامة حرب
نفسية حالكة تبعدها قصرا من دور الأم الحنون على أولادها.
أما
الرجل فقد يشده الندم على ضياع عائلته، وقد تزول غشاوته ويندم بشدة للضرر الكبير
الذي ألحقه بزوجته، وفي حين لا يستطيع الاعتراف بذلك تعنتا يلجأ إلى الزواج بأخرى
لكنه يزيد الوضع سوءا، خاصة إذا قررت طليقته الزواج، أين تدفعه غيرته أو قد يضعها
البعض في خانة حب التملك، إلى محاولة منعها بشتى الطرق متحججا بالأولاد، وأن
ينادوا لشخص آخر أبي، سيبقى دائما مرهون بهذا الجانب ويرى سعادته انطفأت.
هناك
أشخاص محيطين بالطرفين، لديهم دور فاعل في تأجيج النزاع بين الطرفين دون البحث عن
حل وسط، هؤلاء أيضا سيواجهون الندم حال ما يرتأى لهم حال الأولاد في الأعياد وفي
كل مناسبة يلتفت فيها الطفل للبحث عن والده بجانبه فلا يجده. هذا الطفل إن كان طفل
انفصال غير صحي سيكبر على تعبئة فكرية من الطرفين مفادها شيطنة الطرف الاخر، وإلقاء
لوم البعد عنه، سيكسر حاجز أمنه النفسي من الصغر، وسيكبر بنقطة سوداء قد تجعله
قنبلة موقوتة في المجتمع كل ما وعى القصة، وستلفه القسوة في مرحلة ما ليجفو الحياة
وأملها.
الطلاق أبغض الحلال
يبقى
الطلاق على أنه حل أخير وأبغض حلال استساغ للكثيرين للتخلص من المسؤولية بسرعة ولعدم
موافقة أحلامهم قبل ولوج قفص الزوجية، آخر حل وبداية لمشاكل كبرى على جميع الأصعدة
يتقاسمها الطرفين ويدفع ثمنها الجميع في المجتمع والأولاد بشكل أكبر.