الاختيار المرفوض |
حياة البشر عبارة عن اختيارات متعددة، فيختار
الإنسان الاختيار الذي يتناسب مع طبيعته ويتفق مع تحقيق مصالحه في الحياة، لكن في
بعض الأوقات يكون اختيار الشخص بين شيئين صعب للغاية ويحتاج لوقت من التفكير وهذا
أمر طبيعي
فهناك من يفكر باندفاع ويسرع في اتخاذ قراره
وهناك من يتمهل حتى يصل للاختيار المناسب في النهاية، وهناك نوع مثير للغاية وهو
من يوكل له أشخاص آخرين يقومون بالاختيار بدلاً عنه!
لربما تتعجب من ذلك قارئي العزيز: كيف لشخص
أن يتخلى عن حق مهم للغاية وينصب آخرون للاختيار بدلاً منه، ولكن هذا النوع من
البشر له أسبابه المشروعة، في هذا الموضوع سنتحدث عن هذه الأزمة باستفاضة وسنناقش
أسبابها وسنعرض بعض الحلول التي تحد من هذه الأزمة.
أسباب المشكلة:
من أهم أسباب تلك المشكلة هي عدم الثقة
بالنفس، وهنا يشعر المرء بأنه غير كافي لاتخاذ قراراته بنفسه وللتخلص من هذه
المشكلة فإنه يوكل شخصاً آخر لتحمل تلك المسئولية بدلاً منه.
بالإضافة إلى ذلك فنجد أن معظم من يوكلون
مهمة الاختيار لأشخاص آخرين دائما ما يشعرون بالخوف من فشل اختياريهم، فإذا قام
ذلك الشخص بالاختيار بنفسه لربما يكون اختياره خاطئ، لذا لتجنب ذلك الشعور فإنه
يبتعد عن تلك الخطوة تماماً حتى لا يشعر بأنه أخطا عندما أقبل على الاختيار. أيضاً
نجد ذلك النوع من البشر كثير التفكير، بل دائم التفكير في فشل اختياره. فلو أمامه
اختيارين (أ- ب)، سيفكر ماذا إذا اخترت (أ)، لربما يفوتني الكثير إذا لم أختر (ب)
والعكس صحيح.
فبدلاً من أن يركز في تحصيل مميزات وعيوب كل
اختيار للتوصل للاختيار الملائم في نهاية الأمر، نجده يطيل التفكير في " ماذا
لو؟".
وهذا السؤال سؤال طبيعي في بداية الاختيار،
ولكن المشكلة هنا تكمن في احتلال هذا السؤال للعقل لدرجة تشتت الشخص عن الاختيار،
بل تدفعه للتخلص من ذلك العبء الثقيل بتوكيل شخص آخر للقيام بتلك المهمة. والخوف
من فشل الاختيار يؤدي للسبب الثالث الذي يمنعه من اتخاذ قراره بنفسه، آلا وهو جلد
الذات.
فدائما ذلك الشخص يخاف أن يُلام على اختياره
سواء ممن حوله أو من نفسه في كثير من الأحيان، لذلك فهو يتهرب من مسئولية الاختيار
عندما يفرض شخصاً آخر لاتخاذ قراره بدلا عنه، فعندما يفرض شخصاً أخر قراراً له
بدلا منه.
وعند تبين أنه كان اختيار خاطئ لن يلوم نفسه،
بل يبادر بلوم الذي اتخذ القرار له وبهذا قد يكون حقق الهدفين: الابتعاد عن اتخاذ
قراره بنفسه، ولوم نفسه في حال فشل الاختيار.
لعل هذه هي أهم الأسباب التي تجعل الاختيار
مفروض على ذلك الشخص من قبل الاخرين، لكن ما هي السبل للتقليل من تلك الأزمة؟
الحيرة في الاختيار |
كيفية التغلب على تلك الأزمة
أولاً يجب أن يثق الشخص بنفسه وبقراراته وهذه
الثقة ستعلى عندما يعترف المرء بأنه بشر وأن البشر معرضين لعمل كثير من الأخطاء، فكل
البشر يخطئون والمهم هو التعلم من الخطأ، لذلك فلا ينبغي الشعور بأنك أقل من
الآخرين لاتخاذ قرارك فأنت كافي لاتخاذه ولا مانع في استشارة الأصدقاء المقربين،
ولكن في نهاية الأمر هذه هي حياتك ولا ينبغي لأحد أن يقرر بدلاً عنك.
ثانياً تقليل الخوف من اتخاذ القرار مخافة
ارتكاب الأخطاء أمر لابد منه، بالتأكيد سيكون هناك خوف، ولكنه لا ينبغي أن يسيطر
عليك لتلك الدرجة، بل أتخذ القرار وإن كان خاطئاً، فإن الخطأ هو الدرج الذي يعلمك
ويساعدك في تطوير ذاتك.
ثالثاً، لا ينبغي أن تلوم نفسك كثيراً أن ثبت
أن اختيارك خطأ. فأنت لا تعلم الغيب وتذكر أنك بشر، وأن إدراك للنتائج شيء محدود
جداً. فكل قرار خاطئ يعلمك ويثقل من خبراتك، فأعطي لنفسك فرصة لارتكاب الأخطاء ثم
التعلم منها.
وأخيراً، التوتر والخوف من الفشل أمور طبيعة
في حياه البشر لكنها لا ينبغي أن تعرقلنا عن اتخاذ قراراتنا والاستمتاع بالحياة ودائماً
تذكر أنه بإمكانك ارتكاب الأخطاء بل هو حق لك للتعلم واكتساب الخبرة في حياتك فلا
تجعل أبداً اختيارك مفروض من قبل الآخرين.