استطاعت منطقة الفسطاط بعد تحويلها من مكان عشوائي، إلى أحد أروع الأماكن التي يمكن زيارتها، أن تجذب إليها ملوك وملكات مصر العظام، الذين حكموا مصر في عصورها القديمة، لتكون مقرهم الدائم، بعد سنوات قضوها في المتحف المصري بالتحرير، وآلاف السنين الأخرى التي قضوها داخل مقابرهم وأحيانا داخل بعض المخابئ.. ونرصد لكم من خلال هذا التقرير كيف استقر بهم الحال وعن كيف يكون المكان الذي سكنوا فيه بآثاره التي تضم آثار مصر عبر العصور
عندما تخطو خطواتك الأولى داخل المتحف القومي للحضارة المصرية، ستشعر بعبق التاريخ، وذلك عندما تتخيل أن تلك البوابة التي مررت من خلالها، مر أيضا من خلالها العديد من ملوك وملكات مصر في موكب مهيب، تحدثت عنه وسائل الإعلام في مصر والعالم أجمع، وقد تصدرت أخبارهم جميع الصحف والمواقع العالمية، كلها تشيد بهذا الموكب المهيب الذي جعل المصريين جميعا يفخرون بأجدادهم وبشبابهم على ما قدموه من احتفال رائع أبهر الجميع.
المتحف يحيط به العديد من المناطق الخضراء، والعديد من البحيرات، والتي تسمي عين الصيرة.
مبني المتحف مكون من طابقين، طابق علوي وآخر سفلي، يمكنك دخول المتحف بعد دفع تذكرة قيمتها ستين جنيها إذا كنت مصريا شابًا وحتى ٦٠ عاما، ومن هم فوق الستين عاما يستطيعون الدخول مجانًا، أما الطلبة فتذكرة دخولهم تكلف عشرين جنيها، فقط، تشمل التذكرة زيارة جميع قاعات المتحف، بما في ذلك قاعة المومياوات الملكية.
وإذا كنت تابع لأحد المجموعات الإرشادية السياحية، فعليك أن تقوم باستئجار سماعة وايرليس، ويقوم الموظف المختص، بضبط التردد الخاص بالمرشد المرافق لك، مع باقي المجموعة، حتى تستطيع الاستماع للشرح، دون أي ضوضاء لباقي المجموعات الإرشادية، أو باقي الزائرين.
عند دخولك من بوابة المبني، تجد على يمين المدخل بوابة خارجية تستطيع الوصول منها إلي بحيرات عين الصيرة والتقاط الصور الرائعة هناك.
أما في الجهة المقابلة لبوابة المبني، فستجد نفسك أمام قبو زجاجي، هو بمثابة ممر كبير يؤدي بك إلى قاعات المتحف الأساسية، وبمجرد وصولك إلى أول هذا القبو، ستجد على يسارك المصبغة، والتي تستطيع مشاهدتها من الزجاج الذي يحيط بالقبو خارج المبنى، والتي يرجع تاريخها إلى العصر الفاطمي، والتي كانت تستخدم لصبغ الأقمشة بالعديد من الألوان، حيث تشمل في كل صف ثلاثة عشر حوضًا مخصص للألوان.
بعد أن تمر من خلال القبو الزجاجي، تجد في نهايته، سلم سفلي يقودك إلى قاعة المومياوات الملكية، والتي يقيم بداخلها الآن 22 ملكًا وملكة من الملوك الذين حكموا مصر في الدولة الحديثة.
وهم بالترتيب بحسب فترة حكمهم الملك سقنن رع آخر ملوك الأسرة السابعة عشر، الذي استشهد في محاربة الهكسوس، وكان زوجا للملكة تي، والذي يعتبر من ملوك عصر الانتقال الثاني، والذي بدأ بعده مباشرة عصر الدولة الحديثة، ثم الملكة أحمس أحمس نفرتارى والتي تعتبر عميدة الأسرة الثامنة عشر، ثم الملك أمنحتب الأول ابن الملك أحمس طار الهكسوس، والذى تولى الحكم من بعده، ثم الملك تحتمس الأول ابن الملك أمنحتب الأول/ والذى تولى الحكم بعد أن تجاوز الأربعين من عمره، ثم الملك تحتمس الثاني الذى تزوج من الملكة حتشبسوت.
ثم الملكة حتشبسوت التي تولت الحكم من بعد زوجها وكانت وصية على تحتمس الثالث، والذى تولى من بعدها والذى أصبحت مصر إمبراطورية في عهده بعد كل المعارك الحربية التي قام بها وأشهرها مجدو، ثم تولى من بعده نجله الملك أمنحتب الثاني، ثم تحتمس الرابع ابن أمنحتب الثاني، ثم يأتي الملك أمنتحتب الثالث وزوجته الملكة تي، وبلك تكون نهاية ملوك الأسرة الثامنة عشر بالنسبة للمومياوات الملكية، أما بالنسبة لأول مومياء من الأسرة التاسعة عشر فترجع للملك سيتى الأول ابن الملك رمسيس الأول.
ثم الملك رمسيس الثاني أعظم ملوك الدولة الحديثة والذى قام بعقد أول معاهدة سلام في العالم، ثم جاءت ابنته الملكة ميريت آمون والتي تزوجها والدها لتصبح الزوجة الملكية، ثم يأتي الملك مرنبتاح ابن الملك رمسيس الثاني من زوجته الثانية، ثم الملك سيتى الثاني ابن مرنبتاح، ثم الملك سبتاح وهو الملك قبل الأخير فى الأسرة التاسعة عشر، أما مومياوات ملوك الأسرة العشرين فهم رمسيس الثالث والرابع والخامس والسادس ثم التاسع.
كل
هؤلاء الملوك مجتمعين في قاعة واحدة وهو ما لم يمكن أن يحدث في حياتهم الدنيا، حيث
هناك فرق في سنوات حكمهم يصل إلى مئات السنوات.
بعد خروجك من قاعة المومياوات الملكية، ستجد نفسك مرة أخرى أمام القاعة الرئيسية بالمتحف والتي تحوي آثار مصر على مر العصور، بداية من عصور ما قبل التاريخ، ويقصد بها العصور الحجرية، وحتى يومنا هذا.
تبدأ
قاعة العرض بفاترينة لهيكل عظمى عمره 35 ألف عام، والذي تم العثور عليه عام 1980
في منطقة نازلة خاطر التابعة لمحافظة سوهاج، وهو لشخص كان يعمل في محجر لاستخراج
الحصى المستخدم فى صناعة السكاكين والفؤوس.
كما نجد نماذج للبيوت التي كان يسكنها المصري القديم في تلك الفترة، والأدوات التي كان يستخدمها في حفظ الطعام من أواني لحفظ الحبوب، وغيرها.
كما نجد بعدها العديد من التماثيل التي تبين صناعة الخبز، والتي وصل أنواع الخبز فى العصور المصرية القديمة إلى أكثر من مائة نوع من الخبز، وأنواع المخبوزات الأخرى، منها الفطير، وحتى الكب كيك أيضاً كان أصله مصري قديم، ونجد نماذج من الخبز التي عثر عليها في المقابر وهي نماذج حقيقية بالفعل، وبالإضافة إلى العمال والخبازين المنظرين نضج الخبز أمام الأفران.
ثم نجد بعض رموز الآلهة للمعبودات في تلك الفترة من رؤوس لحيوانات وطيور، ومن أهم المعروضات بالمتحف مقبرة لابنة أحد الكهنة، والتي يظهر فيها أن الكاهن كان من طبقة ثرية حيث يتضح البذخ فى تفاصيل مقبرة ابنته، حيث يتكون معظم أثاث المقبرة الجنزى من الجلود المصبوغة بالألوان الرائعة.
ويعتبر
تمثال الملك أخناتون في منتصف القاعة يمثل مهابة كبيرة لأحد الفراعنة الذين آمنوا
بالتوحيد، حيث قام بعبادة الإله آتون، وتظهر بجانبه أنشودة أخناتون مطبوعة حديثاً
ومترجمة بالعربية والإنجليزية.
كما نجد العربة الحربية الشهيرة للملك تحتمس الثالث، والمليئة بالنقوش المبهرة فى مساحة صغيرة، ومنقوش عليها بالزخارف البارزة اسمه الملكي داخل الخرطوش.
هناك أيضا آثار من مقبرة أحد كبار الدولة، والذي يدعى سن نجم، والذي وجدت مقبرته كاملة وبها العديد من المقتنيات الرائعة.
وأهم ما يميز المتحف أن به بعض المعروضات التي تثبت تطور المصري القديم، في هذا الزمن القديم، حيث تعرض ساعة شمسية، وبجانبها شاشات إلكترونية توضح كيفية عملها، وكيف كان للمصري القديم التعرف على الوقت في ساعات الليل والنهار، ومن تلك الشواهد أيضاً عرض أول طرف صناعي صنع في التاريخ، والذي صنع خصيصاً لإحدى السيدات كي تستطيع المشي بسهولة مرة أخرى بعدما تعرضت لإصابة خطيرة تم على إثرها بتر إصبعها بعملية جراحية دقيقة.
ويضم المتحف العديد من المرايا وأدوات التجميل التى كانت تستخدمها المرأة الفرعونية من أواني للعطور، وأخرى لحفظ البودرة والكحل، بالإضافة إلى الأمشاط والفلايات.
ثم يبدأ المتحف في النصف الثاني من القاعة بعرض العديد من التحف الفنية من العصر اليوناني والروماني، وكذلك من العصور المسيحية والإسلام، كما توجد كسوة الكعبة التي كانت ترسلها مصر إلى بلاد الحجاز كل عام قبل موسم الحج، ومفتاح الكعبة، كما توجد بعض المقتنيات والتماثيل للعصر السلطاني والملكي.
أما في
العصر الحديث فهناك نماذج لتمثال طلعت حرب وماكيت لبنك مصر الذى قام بتأسيسه،
وهناك بعض نماذج لبيوت النوبة، والعديد من صور للملابس التراثية بداية العصر الفرعوني،
وحتى الآن من الملابس البدوية السيناوية، وأيضا في النوبة، وفى جميع محافظات مصر.