خالد سعيد |
قبل أقل من شھر تقریبًا من الآن؛ نبشت إحدى الأخبار في ذكرى خالد سعید من جدید بعدما قضت الدائرة الثالثة تعویضات كلي "القاھرة الجدیدة" بتعویض اثنین من أشقائه بمبلغ ملیون جنیه، وقتھا شاع الخبر في وسائل التواصل الإجتماعي وتناوله الجمیع وأغلبھم حزنًا على عمر ذلك الشاب الذي قدّر بعد 12 عام بملیون جنیة فقط، لكن على كل حال لم یلفت نظري قھرًا إلا تعلقیات الكثیر من الشباب من فصیلة عمریة معینة تمحورت تعلیقاتھم حول: "من ھو خالد سعید؟".
"یا كل واحد مات شھید علشان نعیش"
منذ أیام حلت الذكرى الحادیة عشر للثورة ؛ الذكرى التي حُفرت في عقول كل شخص حضر عام 2011 صغیرًا كان أم كبیرًا، والحقیقة كان بداخلي خوف من ذلك الیوم.. خوف من أن تندثر تلك الذكرى، صحیح أن تلك الثورة لم تُجني ثمارھا بشكل كامل، لكنھا على الأقل حققت الحریة لفترة معینة، خفت أن ینسى العالم ذلك الیوم لمجرد أنه مرّ علیه عدة أعوام، لكنني في ھذا الیوم استیقظت لأجد ھذا الشریط المدعو "تایم لاین" حافل بذكریات متبانیة من الثورة، فھدأ روعي.
كنوز أودعھا ینایر
إحدى عشر عامًا مروا على أعظم توقیت قد یكون مر على شعب مصر في التاریخ الحدیث، على أصدق شعور بالحریة ممكن أن یكون حدث من بعد انتصار أكتوبر، إحدى عشر عامًا ولم تزُل عدة كنوز بقیت لنا من ذكرى مرور ذلك الحلم على الأرض.. صفحة الجرنال ذات المانشیت الأحمر المخلد "الورد اللي فتح في جناین مصر"؛صوت الشاب الذي وقف یغني وسط المیدان "حدوتة مصریة" ودندن معه ضابط الشرطة.
صورة الشاب الذي وقف صامدًا أمام العربة المصفّحة مواجھًا العدو ومدیرًا ظھره للكامیرات، في خلفیة كل ھذا صوت عایدة الأیوبي المنبعث من غنوتھا المحفورة في مسامع الجمیع قائلة: "ساعات بخاف تبقى ذكرى".
إننا لا ندرك قیمة التورایخ إلا بمرور الزمن.. جملة قالھا لنا مدرّس مادة التاریخ في إحدى سنواتي الدراسیة، كان یرى أن تأثیر الثورات على الدول لا یظھر إلا بعد مرور السنوات وكأننا ناخد كادر التصویر من زاویة أبعد لنرى الصورة كاملة، وفي الحقیقة إن أخذنا بھذا المنطق فسوف نقول أن ثورة ینایر لم تنجح لأنھا لم تحقق أھدافھا بعیدة المدى، ھي فقط حققت أھدافھا القریبة ونجحت في إسقاط نظام.
حققت إرادة شعب؛ لكنّھا في نظر جمیع من حضرھا لم تكن مجرد ثورة عادیة من الممكن الحكم علیھا بالفشل، بل أنھا كانت باكورة للتغییر وتجسید لعناد ھذا الشعب وإصراره، وتكریم لدماء ھدرت في عزوة شبابھا كي تحیاھا أجیال أصغر منھا سنوات بلا إذلال.
ھي حكایة.. حكایة لابد وأن تبقى حاضرة في ذھن من حضرھا، وتكتب في عقل من لم یحضرھا، حكایة یجب أن نرویھا لذلك الجیل الذي نشأ ولم یعرف خالد سعید، حدثوھم عن خالد سعید، وعن "الورد اللي فتح في جناین مصر"، عن خطاب "أنا أو الفوضي"، عن موقعة الجمل، عن أول شھید سقط في السویس، عن المعتقلین الذي مازال منھم إلى الآن في سجون مصر، عن یوم 11 فبرایر وشروق شمسه، حدثوا أبنائكم عن الیوم الوحید الذي كنّا فیه أحرارًا.