نحن ذرية من كانوا على سفينة نوح

سفينة نوح


أتى الله نبيه نوح عليه السلام لقوم ابتعدوا عن منهجه، وضلوا عن سبيله، وكفروا بآياته، وكذبوا رسله، فجاء سيدنا نوح بأمر من ربه لوعظ هولاء القوم، ودعوتهم لعبادة الله وحده لا شريك له، وينهاهم عن عبادة الأصنام التى لا تنفع ولا تضر.


ولم ييأس نوح من دعوة قومه ليلا ونهارا، فظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، لعبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام، فكلما كان يدعوهم للإيمان بالله، كانوا يفرون منه، ويضعون أصابعهم فى اذانهم، ويغطون وجوههم بملابسهم، بل كانوا يحذرونه إذا لم يكف عما يدعو به، وعن سب الآلهة سيرجمونه بالحجارة.


▪︎ اللجوء إلى الله أول طريق للنجاة


لجأ سيدنا نوح عليه السلام إلى ربه شكيا قومه الذين أصروا على الكفر، وتكذيب ما أتى به، فدعا أن ينجيه هو والمؤمنين من اذاهم وكفرهم، فقال: {رب إن قومي كذبوني، فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معى من المؤمنين}.

فإستجاب له ربه وأمره بصنع سفينة كبيرة، رغم كونها غير معروفة فى ذلك الزمان، وأرشده الله سبحانه وتعالى إلى طريقة صنعها.

وكان كلما يمر عليه مجموعة من قومه سخروا منه، وقالوا كيف أن يكون نبيا ويعمل نجارا، وكيف ستنقل هذه السفينة إلى البحر وهى بعيدة عنه.


فقال لهم نوح عليه السلام بكلمات الوعيد من ربه إذا كنتم سخرون منا اليوم، فنسخر منكم فى الغد. قال تعالي: {ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون}. (هود : ٣٨)


فدعا سيدنا نوح عليه السلام على قومه بعد أن جاءه الوحى من ربه أنه لا يؤمن من قومه إلا من آمن فقال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا}.


فإستجاب الله لدعائه، وأمر نوح عليه السلام بأن ينتظر علامة يوحى بها الله له، وأن يحمل على السفينة المؤمنين به، ومن كل زوج إثنين ضمانا لإستمرار الحياة.


قال تعالي: {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا أحمل فيها من كل زوجين إثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل}. (هود : ٤٠)


▪ ︎الطوفان .. وعاطفة الأبوة


دعا نوح عليه السلام ربه بأن ينجي ابنه الذى هو من أهله، كما وعده الله بالنجاة هو وأهله ومن آمن معه، إلا أن قال له سبحانه وتعالي: {يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح}. (هود:٤٦)


فبرغم بما فى هذا الطوفان من وعيدا من الله على القوم الكافرين، إلا أن كانت عاطفة الأبوة تتمسك بآخر طوق نجاة لإرشاد ابنه ونجاته من الموت، ولكن لم يلبي ابن نوح الدعوة، وظن أن هناك مفر من قدرة الله تعالي، فقال : {سئاوي إلى جبل يعصمني من الماء}. ولم يكن يعلم أن الماء الذى يشق الأرض من عند الله، والجبال لا تعصمه من الخالق.


ولكن مازال عاطفة الابوة تتغلب على عاطفة النبوة، ويأمل فى رجعته إلى طريق النجاة الوحيد، فقال له: {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم}. ومازال يرشده حتى حال بينهم الموج، وكان من المغرقين.


▪︎ طوفان الله على الكافرين ونجاة السفينة بالمؤمنين


كان وعيد الله للكافرين هو الحق، فأوحى إلى نوح عليه السلام بعلامة عندما يخرج الماء منها يسرع هو والذين آمنوا معه، ليركبوا السفينة التى صنعها بأمر الله للنجاة من الطوفان، قال تعالي: {اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم}. (هود : ٤١)


وسارت السفينة فى حفظ الله ورعايته، تجرى بهم فى موج وصفة الله تعالي فى علوه {كالجبال}.


{وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين}. (هود:٤٤)


فكان أمر الله ووعده نافذا فى هلاك الكافرين الذين اغرقوا وبعدوا عن الفساد فى الأرض، وكانت تسير السفينة بالمؤمنين فى حفظ الله ورعايته حتى استوت على جبل الجودي، وهو جبل قرب الموصل فى العراق.


وقال تعالي: {اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك}. (هود : ٤٨)


وبدأت عمارة الأرض بالمؤمنين الذين كانوا على سفينة نوح عليه السلام ونجاهم الله من الغرق فى الطوفان، فنحن من ذرية الذين كانوا على سفينة النجاة، الذين نخطئ ونتوب، ونذنب ونستغفر، وكان الله لنا غفورا رحيما.

Post a Comment

أحدث أقدم