كثيرًا ما نواجه مشاكل ونظن أن الحياة انتهت في هذه النقطة، ونأبى التفكير وتقبل الحلول وهذا ما حدث لهذه القصة الحقيقة المجهول صاحبها.
امرأة اربعينية تتعرض لخيبة أمل كبرى
بطلة هذه الحكاية، هي امرأة تبلغ من العمر ٥٣ عامًا، بدأت قصة هذه البطلة في سن الأربعين عندما أخبرها أحد الأطباء النفسيين أنها ستظل مريضة دائمًا وتتلقى العلاج ولن تعمل أبدًا مرة أخرى.
شعرت حينها بخيبة أمل كبيرة فقد كان الأمر كما لو أنه حُكم عليّها بالسجن مدى الحياة ولم ترغب في التعايش معها.
فقد كانت تتناول ٢١ قرصًا يوميًا للمساعدة في إدارة صحتها العقلية و غالبًا ما كنت مقيدًا إلى الفراش بسبب دوائها ومرضها و كان أطفالها هم القائمون على رعايتها ..
البطلة تعاني من المشاكل العقلية منذ الطفولة
قالت هذه البطلة: "لم أكن لأفكر أبدًا أنه بعد ١٣ عامًا ، سأعيش حياتي بعيدًا عن كل الأدوية وأنا مدين بذلك للفن، فلقد كنت في نظام الصحة العقلية منذ سن الثامنة على الرغم من أنه لم يكن نظامًا بقدر ما كان مجرد طبيب عام كنت تراه بانتظام".
تم تصنيفها في صغرها على أن أعصابها سيئة ولكن أدركت مع تقدم العلم أن نوبة الهلع الشديدة التي استمرت لعدة ساعات كانت بمثابة بداية لمشكلات الصحة العقلية.
كانت تتلقى الأدوية لمساعدتها على الهدوء مع أنها كانت تجعلها تنام كثيرًا ولكنها كانت مضطرة لمواجهة الآثار الجانبية لمضادات الذهان ومضادات الاكتئاب والحبوب المنومة التي كانت تتناولها بالفعل.
البطلة تقرر أن تنهي حياتها
كل ذلك جعلها تشعر أنها عبء ومزعجة لدرجة أنها كانت متأكدة أن حياة من حولها ستكون أفضل إذا اختفت هي؛ لذلك حاولت إنهاء حياتي، ولكن انتهى بها المطاف فاقدة للوعي وعندما استيقظت في المستشفى، كانت غاضبة جدًا من نفسها لأنها فشلت في الموت.
غيرة شديدة مصدرها مريضة سرطان
خلال ركودها في المستشفى، كانت في سرير مقابل لسيدة مصابة بسرطان عضال، والتي كانت غاضبة جدًا منها عندما اكتشفت أنها كانت تحاول الانتحار،فهي تحاول بشدة التشبث بحياتها بينما فرطت البطلة في حياتها عن طيب خاطر.
قالت البطلة : "ما لم تدركه محاربة السرطان هو أنني كنت أشعر بالغيرة منها فقد كانت تقضي على معاناتها بينما كنت أجبر على العيش مع نفسي"، وبعد يومين خَرجت من المستشفى بشرط تحويلها لطبيب نفسي.
صدفة تصنع المستحيل
أثناء انتظارها الدخول للطبيب النفسي، رأت منشورًا بعنوان "العقول الإبداعية: الفن من أجل الرفاهية"، وقد جذبها رغم أنها لا تحب الرسم ولم تكن فنانة و كانت تتعرض للسخرية من حالة رسوماتها، ولكن شيئًا ما دفعها للاتصال بالرقم واكتشفت أن هناك جلسة تذوق بعد بضعة أيام وكانت بالقرب من منزلها .
عندما حان موعد الجلسة قامت إحدى صديقات البطلة بتوصيلها إلى طاحونة قديمة وكانت شاقة للغاية، مما جعلها كانت على وشك الاستدارة والمشي بعيدًا ولكن صدر صوت رجل من الجانب الآخر ودعاها للانضمام إليهم في الغرفة، ولكن البطلة شعرت بالريبة مما دفعها للجلوس على المقعد القريب من الباب في حال احتاجت إلى النفاد.
مكثت البطلة في الجلسة ويمكن القول أنه اليوم الذي تغيرت فيه حياتها، فلقد مرو بالرسومات خطوة بخطوة مع المعلم، وقد غمر الفخر البطلة وأخذت رسمتها لفتياتها في المنزل؛ اللائي لم يصدقن في البداية أنها من رسمته مما جعلها تعيد رسم الرسمة لتثبت ذلك .
الرسم يتحول لشغف البطلة
شعرت البطلة فجأة أن لديها شرارة، مما جعلها تشعر باختلاف، وأعجبها الشعور وتمنت قضاء وقتها بعيدًا حتى الفصل الأسبوعي التالي وكانت لديها طاقة تريد أن تفعل المزيد والمزيد من الرسم والتلوين لأنه حرر ذهنها وجعلها تشعر بالحياة بطريقة لم يفعلها أي شيء آخر.
في وقت لاحق ، بدأت البطلة في شراء أجزاء صغيرة من الأشياء للرسم بها و دائمًا ما تكون الأرخص وليس أفضل جودة نظرًا لتعدد مسؤلياتها ولكنها كانت مصرة على القيام بشيء ما في المنزل، أخذت ترسم لساعات في كل مرة وتخلق مناظر طبيعية وزهور و أحبت ألوان الحياة وحيويتها و بدأت تشعر بالحياة.
البطلة تستعيد حياتها
بدعم من طبيبي النفسي، بدأت البطلة ببطء في تقليل أدويتها وكانت تشعر بتحسن بعد الوصول إلى لوح الرسم الخاص بها، ومع تحسن مزاجها ، بدأت في تقليل المزيد والمزيد من الحبوب ببطء وبشكل متعمد وبعد حوالي ١٨ شهر تقريبًا، أصبحت حياة البطلة خاليًا من الأدوية.
الرسم شريان حياة البطلة وهوايتها
لدي البطلة لوحتان تعنيان أكثر بالنسبة لها، على الرغم من أن المرء يبدو مظلمًا تمامًا إلا أنه يرمز إلى حياتها فالغيوم السوداء السميكة الكبيرة والبحر العائج ولكن لديها أيضًا بصيص من الأمل والطموح يشق طريقه عبر العاصفة.
والآخرى عبارة عن صورة مجمعة للعقل، غوريلا لا تستطيع رؤية الورود الجميلة بجانبها وتمثل الكثبان الرملية والجبل الجليدي عناصر متناقضة من ثنائي القطب و محور الصورة هو فراشة رائعة جاهزة لنشر جناحيها وتطير مما يدل أن البطلة لم تعد حبيسة السرير.
البطلة تنفع مجتمعها بتجاربها
في الوقت المناسب طُلب من البطلة إلقاء محاضرات داخل خدمات الصحة العقلية التي كانت لا تزال تشارك فيها لنشر الكلمة لزملائها مستخدمي الخدمة الذين يريدون استخدام الإبداع لتحسين صحتهم العقلية وسرعان ما طلب منها المتخصصون في NHS التحدث إلى المؤتمرات وورش العمل وتدريب الموظفين.
لقد أجريت إلى اليوم آلاف المحادثات في جميع أنحاء البلاد مع العديد من الأشخاص في الخارج بما في ذلك منظمة الصحة العالمية في هلسنكي .
البطلة تحقق نجاحات مبهرة
لقد فازت بجوائز NHS Trust Excellence للإنجاز المتميز ودُعيت حتى إلى قصر باكنغهام وكلارنس هاوس للاعتراف به في وصف الأدوية الاجتماعية، وأصبحت أحد أمناء المركز الوطني للصحة الإبداعية وعضو في المجموعة التوجيهية لشبكة الوصفات الاجتماعية.
قالت البطلة: "قبل أن أجد الفن كنت شخصًا نكرًا وأعرف فقط برقم المريض الذي أتعامل معه والعديد من علامات تشخيص الصحة العقلية التي أمتلكها، ولكن الفن سمح لعقلي بالشفاء وأعطاني مساحة للتوقف لفترة من الوقت والعمل على حل الأمور بنفسي، وأنا لم أتعلم الفن فحسب بل تعلمت أنه يمكن السيطرة على مرضي ليس فقط عن طريق الأدوية ولكن من خلال منفذ إبداعي، وكذلك التواصل الاجتماعي مع أشخاص آخرين حول موضوع استمتعنا به جميعًا".
اليوم، البطلة توقفت تمامًا عن الأدوية وهي فخورة للغاية وأثبتت للجميع إننا نستطيع جميعًا أن نكون خبراء في أنفسنا فنحن نعلم كيف يؤثر المرض علينا أكثر من أي شخص آخر في العالم.
إرسال تعليق