يلعن أصلها إذا نطق اسمها... وتذكر عيوبها إذا
حلى مجدها ... وتتساوى مخلفاتها إذا تسابق عديانها.. يهجرونها بكل رغبة ويغادرون
ترابها إذا جاءت الفرصة...
لكني اليوم رأيت أطياف هجرانهم تسكن الشوارع
تجر وراها حبال الأماني.. فترى ظهورهم استقامت من شدة الترجي.. وعروقهم برزت من
كثرة التمني.. كأنها تروى حكاية احتلالهم من جديد.. اعلامها كانت تملأ الشوارع.. وهتافات اسمها تتردد من كل سامع.. حيث تزداد
رغبة الانتصار كإنها تسعون روح تصعد مع كل عقرب تميل ... وجوه ضاحكة باكية وألسنة
مشجعة لاعنة..
وأطفال يرون فلسفة العقول الساذجة، بالأمس هتافات
الرحيل تفزعهم، واليوم هتافات البقاء على حبها ومجدها تبهرهم.. لحظة منعشة من حب أرض
ترابها شوك وجوفها صبر... كل ما عبرت فوقها تلمح اشباح الانتظار.. ذاك الذي وقف
على رأسه عديان وجودها وكاره تقدمها.. لكن تجوب عينك الى البعيد القريب فترى اجيال
تتوعد بالانتصار...
الى الذين تمايلوا على اهتزازها.. وعزفوا
منادين بانهزامها.. حازمين اشتاتهم مغادرين بقاعها..
اعلموا انا اهتزازها مثبت لا حباءها، وان ما
اتته من خسارة ما هو سوى بداية شموخها...
لا عتاب علينا في حبها... ولا حسابا لنا في
مخاصمتها.. فهي الأم إذا عانت.. وهي الحبيبة إذا تعالت... ونحن الابناء إذا
اشتكينا و لها الرجعة اذا خيرنا..