تحقيق العبودية
العبودية لله تعالى هي الهدف الأسمى الذي خلق الإنسان لأجله، فهي محور حياة المسلم وسبب فلاحه في الدنيا والآخرة. الله سبحانه وتعالى أوضح لنا سبل العبادة وحدودها من خلال كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فقد أمرنا الله بأداء الطاعات والابتعاد عن المعاصي، وجعل ذلك أساسًا لتحقيق العبودية الخالصة له. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الحج: 77). كما حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على اتباع ما جاء به، وترك الابتداع في الدين، مؤكدًا أن العبادة لا تكون مقبولة إلا إذا كانت خالصة لله وعلى نهج النبي صلى الله عليه وسلم.
الإخلاص: روح العبادة وشرط قبولها
الإخلاص هو أساس قبول الأعمال عند الله، وهو الذي يمنح الأعمال قيمتها ووزنها في ميزان الله سبحانه وتعالى. فهو العمل الذي ينبع من قلب المؤمن محبًا لله، ويجعله يتقرب إلى الله بما شرع من الطاعات. وقد جعل الله الإخلاص معيارًا لاختبار عباده، كما قال تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" (الملك: 2). وكما أشار ابن كثير رحمه الله، فالعمل لا يكون حسنًا إلا إذا كان خالصًا لله وصحيحًا على شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
حقيقة الإخلاص ومعناه
الإخلاص هو تنقية النية والعمل من كل ما يمكن أن يشوبهما من رياء أو سمعة أو عجب. فالإخلاص هو أن يقصد المسلم بعمله وجه الله وحده دون أي غاية أخرى. كما جاء في الحديث الشريف: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (متفق عليه). فالإخلاص يجعل العمل متقبلاً عند الله ويبعده عن الرياء الذي يفسد العمل ويبطله.
اختلاف العمل باختلاف النية
نية المسلم هي التي تحدد مصير عمله، فالإخلاص هو ما يرفع العمل ويجعله مقبولًا عند الله، بينما الرياء أو النية الفاسدة تؤدي إلى رد العمل وعدم قبوله. وقد بين الله تعالى في كتابه الكريم أن الأعمال تتساوى في الظاهر ولكن تختلف في الجزاء بحسب نية صاحبها، كما قال تعالى في شأن المنافقين: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ" (النساء: 145).
ثواب المخلصين
المخلصون هم الذين حفظهم الله من مكائد الشيطان ونجاهم من الخسران، فهم في كنف الله ورعايته. الله سبحانه وتعالى ضمن لهم الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة. كما قال تعالى في شأنهم: "فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ" (ص: 82-83). المخلصون هم الذين يجتهدون في طاعة الله، ويبتعدون عن الرياء والسمعة، فينالون بركة الله وثوابه العظيم.
إرسال تعليق