في اكتشاف أثري فريد، تمكن العلماء من العثور على "كنز" من الحفريات البحرية التي يعود تاريخها إلى حوالي 9 ملايين سنة تحت مدرسة سان بيدرو الثانوية الواقعة جنوب لوس أنجلوس. هذا الاكتشاف المذهل يكشف عن جزء غير معروف من تاريخ الحياة البحرية في عصر الميوسين، ويعطي لمحة نادرة عن النظام البيئي الذي كان يزدهر في تلك الحقبة.
تفاصيل الاكتشاف:
تم العثور على الحفريات بين يونيو 2022 ويوليو 2024 في موقعين داخل المدرسة، ويعود تاريخها إلى عصرين جيولوجيين مختلفين. الأول هو طبقة عظمية تعود إلى عصر الميوسين، الذي يمتد من حوالي 23 إلى 5.3 مليون سنة مضت، وتحديدًا يُقدر عمرها بـ 8.7 مليون سنة. تحتوي هذه الطبقة على بقايا عظام مخلوقات بحرية قديمة مثل سمك السلمون ذي الأسنان الحادة وميغالودون، القرش العملاق الذي عاش في عصور ما قبل التاريخ.
أما الموقع الثاني، فهو طبقة عظمية من الصدف تعود إلى 120 ألف سنة من عصر البليستوسين، وهي حقبة جيولوجية تميزت بتغيرات مناخية كبيرة وانتشار أنواع مختلفة من الحيوانات والنباتات التي ما زالت لها بعض الصلة بالكائنات الحالية.
أهمية الاكتشاف:
صرح ريتشارد بيل، عالم جيولوجيا بجامعة ولاية كاليفورنيا، أن العلماء يعملون على تحليل التركيب الكيميائي والمعدني للحفريات المكتشفة. وقد تبين أن معظم الحفريات كانت مغطاة بالدياتوميت، وهي صخرة رسوبية تتكون من بقايا طحالب مائية متحجرة. يشير وجود الدياتوميت إلى أن المنطقة كانت غنية بالطحالب في تلك الفترة، مما ساعد على خلق نظام بيئي بحري متنوع وغني.
وأضاف واين بيشوف، مدير الموارد الثقافية في شركة Envicom Corporation، أن هذا الاكتشاف يمثل نظامًا بيئيًا كاملًا يعود إلى عصر مضى. وقد أشار إلى أن العثور على هذه الحفريات يوفر للباحثين فرصة نادرة لدراسة الكائنات البحرية التي كانت تعيش في المنطقة قبل ملايين السنين، مما يساعد في فهم كيف كان النظام البيئي يعمل في ذلك الوقت.
أهمية الحفريات المكتشفة:
واحدة من أكبر المفاجآت في هذا الاكتشاف كانت العثور على قنوات تحت الماء كانت تنقل المواد من المياه الضحلة إلى المياه العميقة، إضافة إلى أدلة على نشاط بركاني في المنطقة. هذا الأمر فاجأ الباحثين الذين لم يتوقعوا العثور على مثل هذه الأدلة في هذه المنطقة.
أوضح أوستن هيندي، مساعد أمين متحف التاريخ الطبيعي في مقاطعة لوس أنجلوس، أن هذا الاكتشاف كان غير متوقع تمامًا. وأضاف: "الحفريات المكتشفة تقدم لنا معلومات جديدة عن التاريخ الجيولوجي والبيئي للمنطقة، وتجعلنا نعيد التفكير في كيفية تشكل البيئات البحرية القديمة والتغيرات التي مرت بها على مر العصور".
إن اكتشاف هذا الكنز الأثري تحت مدرسة في لوس أنجلوس يُعد مثالًا رائعًا على كيفية تقديم المواقع المألوفة لمفاجآت غير متوقعة. الحفريات المكتشفة ليست مجرد بقايا قديمة، بل هي نافذة على عالم عاش منذ ملايين السنين، وتوفر أدلة مهمة لفهم التاريخ الطبيعي للمنطقة. هذا الاكتشاف يبرز أهمية البحث والتنقيب حتى في الأماكن التي قد تبدو عادية، حيث قد تخفي تحتها قصصًا لم تُروَ بعد عن العصور القديمة.
إرسال تعليق