في إنجاز علمي فريد من نوعه، تمكن مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية في مصر من دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بفضل امتلاكه أصغر حفرية لحوت قديم يعود تاريخه إلى 41 مليون سنة. هذا الاكتشاف العلمي، المتمثل في حفرية "توتسيتس"، يُعد أحد أهم الإضافات للعلم المصري والعالمي في مجال الحفريات.
الحفرية واكتشافها
تعود الحفرية المكتشفة إلى نوع من الحيتان الصغيرة التي عاشت قبل ملايين السنين، وتحديدًا قبل 41 مليون سنة. هذا النوع من الحيتان ينتمي إلى العائلة الملكية للحيتان القديمة، ويعتبر "توتسيتس" أصغر حفرية تم اكتشافها ضمن هذه الفصيلة.
وقد تم اكتشاف الحفرية في عام 2018 بواسطة فريق من العلماء المصريين بقيادة الدكتور هشام سلام، رئيس قسم الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة. خضع الاكتشاف لسلسلة من الأبحاث والدراسات والأشعات المتقدمة، التي أكدت أن الحفرية تنتمي إلى فصيلة جديدة من الحيتان التي كانت تعيش في البحار القديمة.
تكريم الملك توت عنخ آمون
في خطوة رمزية تجمع بين الحضارة المصرية القديمة والاكتشاف العلمي الحديث، قرر الفريق البحثي إطلاق اسم "توتسيتس" على الحوت المكتشف، تيمنًا بالملك المصري توت عنخ آمون، وذلك بمناسبة مرور 100 عام على اكتشاف مقبرته. يُعد هذا التكريم دليلاً على الربط الوثيق بين التاريخ العريق لمصر وإنجازاتها العلمية المعاصرة.
الدخول إلى موسوعة غينيس
بعد إجراء الدراسات والأبحاث على الحفرية، أظهرت النتائج مدى أهمية هذا الاكتشاف في مجال الحفريات، ما جعلها تحظى باهتمام عالمي. لم يقتصر الأمر على المجلات العلمية فحسب، بل باتت الحفرية "توتسيتس" محور الحديث بين العلماء والباحثين في مختلف أنحاء العالم.
وفي ظل هذا الزخم العلمي، رأى فريق العمل ضرورة تسجيل هذا الاكتشاف في موسوعة غينيس للأرقام القياسية. بدأ التحضير لهذا الإنجاز بإعداد الأوراق اللازمة، والتي تم تقديمها رسميًا إلى إدارة غينيس. وبعد عام ونصف من الدراسة والتدقيق، تم قبول الاكتشاف وإدراجه رسميًا في الموسوعة.
تصريحات حول الاكتشاف
في تصريحاته، أكد الدكتور هشام سلام أن هذا الاكتشاف يبرز قدرات العلماء المصريين، مشيرًا إلى أن الحفريات غالبًا ما كانت تُسمى بأسماء لاتينية وإنجليزية نسبة للعلماء الذين اكتشفوها. ولكن في هذه الحالة، تم اختيار اسم مصري خالص ليُخلد الاكتشاف كإنجاز وطني، وليكون شاهدًا على أن مصر لا تزال قادرة على تقديم إسهامات كبيرة في مجال العلم.
كما قدم وزير التعليم العالي التهاني للفريق البحثي في جامعة المنصورة، مشيدًا بهذا الإنجاز الذي يضاف إلى رصيد مصر العلمي. وأكد على أهمية تعزيز البحث العلمي ودعم المؤسسات العلمية المصرية لتحقيق المزيد من النجاحات على المستوى العالمي.
أهمية الاكتشاف لمستقبل الحفريات
يعتبر هذا الاكتشاف خطوة مهمة في مجال الحفريات الفقارية، حيث يفتح الباب أمام المزيد من الدراسات لفهم تطور الحياة البحرية القديمة. إذ إن الحوت "توتسيتس" يمثل جزءًا مهمًا من تاريخ الأرض وتطور الكائنات البحرية، ويعكس الطبيعة المتغيرة للبيئة البحرية عبر الزمن.
وبفضل هذا الاكتشاف، أثبت العلماء المصريون قدرتهم على المنافسة على الساحة العالمية في مجال البحث العلمي، مؤكدين أن مصر لا تزال تلعب دورًا رياديًا في العلوم الطبيعية والحفريات.
يمثل دخول حفرية "الحوت توتسيتس" إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية إنجازًا تاريخيًا لمصر، ويُعد دليلاً على الإبداع المصري في مجال العلوم الطبيعية. ومن خلال هذا الاكتشاف، تواصل مصر ترك بصمتها في مجالات علمية متعددة، لتظل دائمًا واحدة من الأمم الرائدة في البحث العلمي والتطور المعرفي.
إرسال تعليق