من قرية صغيرة جنوب شرق
موريتانيا إلى صالات العرض في نيويورك، يشق الفنان التشكيلي باجبريل انكاوا طريقه
الفني بمزيج من التراث الفلاني والتجريد المعاصر، مسيرته الفريدة تشكلت ذاتيًا،
لتصبح لوحاته انعكاسًا بصريًا لحياة الرعاة وأحلامه التي قادته من دوبولدي إلى
بروكلين.
جذور بدوية وبصمة
ثقافية
ولد باجبريل انكاوا عام
1968 في قرية رعوية تدعى دوبولدي بمنطقة كيدي ماغا، ونشأ وسط أسرة فلانية ذات
تأثير اجتماعي بارز في موريتانيا، ساهمت في تعزيز رؤيته الثقافية المتعددة، وهذا
التنوع العرقي والاجتماعي أصبح لاحقًا مادة خام لإبداعه الفني.
أسلوب فني متفرد.. وصور
تحكي الذكريات
يجمع انكاوا في أعماله
بين التجريد الرعوي والتعبيرية التصويرية. لوحاته أقرب إلى قصائد بصرية، تمزج بين
البيئة الطفولية، التصوف، الحرف النسائية الفلانية، وعناصر الحياة البدوية
كالمواشي والطيور، وتتغير ملامح أعماله حسب زاوية النظر أو الضوء، وكأن كل لوحة
حية تتنفس وتروي حكاية.
من الأحلام إلى المعارض
الدولية
بدأ انكاوا الرسم
متأخرًا، بعدما وثق التقاليد البدوية من خلال التصوير. في 2005، تحوّل إلى الرسم
مستلهمًا من أحلامه، ورغم ظروفه المادية واستخدامه طلاء الجدران بدلًا من الألوان
الفنية، عرض أعماله في دول مثل فرنسا وبنين وغامبيا. وسرعان ما لُقب
بـ"بيكاسو الموريتاني".
تجربة فنية في نيويورك
في عام 2011، انتقل إلى
بروكلين – نيويورك، حيث واصل مسيرته من شقته المتواضعة. شارك في معارض بارزة مثل:
قاعة دوغلاس إليمان،
بروكلين (2013)
معرض رئيس بلدية
مانهاتن (2013)
صالات في هارلم،
بيتسبرغ، لونغ آيلاند
كما نال جوائز فنية
منها:
جائزة تشارلز وينسلو
للتميز الفني (2015)
جائزة يعقوب لورانس
وإرنست كريتشلو لتقدير الفن (2013)
وتُعرض أعماله ضمن
مجموعات فنية خاصة ومؤسساتية بالولايات المتحدة.
فنه للمجتمع والهوية
لا يقتصر دوره على الفن
فقط، بل يحرص على تعليم الرسم للأطفال من أصول فلانية وأفريقية في حي بيدفورد –
ستايفسنت، عبر جمعية المتحدثين باللغة البولارية، إيمانًا منه بأن الفن وسيلة
للحفاظ على الهوية وبناء الجسور بين الثقافات.
فني انعكاس لحياة
النشأة في مجتمع رعوي بدوي
يقول انكاوا: "فني هو
انعكاس لحياة النشأة في مجتمع رعوي بدوي في موريتانيا... أُبدع بحرية خلال رحلتي
التي لا تنتهي من البحث والتعلم واكتشاف المجهول؛ الغامض... الإنسانية الواحدة هي
الحبل المشترك."
وفي الختام يمثل
باجبريل انكاوا صوتًا فنيًا يربط بين الضفتين: موريتانيا البدوية ونيويورك
الحضرية. بأسلوبه المستقل، حوّل ذكريات الطفولة وتقاليد مجتمعه إلى لغة بصرية
يفهمها الجميع، ورسّخ حضوره كفنان يحمل في ريشته رسالة إنسانية عالمية.