فيلم هيستيريا |
هو واحد من الأفلام التي لم تنساها الأجيال
منذ سنة إنتاجه 1997م، وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة على عرضه؛ وبالرغم من تبدل
الأجيال خلال تلك السنوات إلا أنه لايزال متداول بمقاطعه التراجيدية والرومانسية
حتى الآن.
بتأليف محمد حلمي هلال، وإخراج عادل أديب نجح
امبراطور الشاشة أحمد زكي بمشاركة الرائعة عبلة كامل في خطف أنظار وقلوب جماهير وأجيال،
وتشخيص نماذج من قلب الشوارع، وتنفيذها بصدق. تدور أحداث
الفيلم حول "زين" خريج معهد الموسيقى العربية، الذي انتهى به الحال إلى
الغناء في مترو الأنفاق.
لمسات موسيقية رائعة أُختيرت بكامل الدقة والقصد فمثّلت حوارًا آخر في
خلفية الفيلم، وكأنها أُضيفت خصيصًا لتكملة المشهد فظهرت هي في حد ذاتها كأنها
مشخصاتي ثالث يتناصف البطولة مع أحمد زكي وعبلة كامل، حتى "ديوان صلاح جاهين الذي" ذُكر في أحد المشاهد بين أحمد زكي وعلاء مرسي كان يحمل معنى الحب المحال الذي تتناوله
إحدى قصص الفيلم.
وداد.. هيستيريا الحياة
طوال متابعتي للفيلم تغمدني شعور الطيران، تحديدًا في مشاهد وداد
"عبلة كامل" لم اتحسس بها الجنون قدر ما تحسست فيها الحرية؛ على الرغم
من كل القيود المحيطة بها، شقيقتها، وصمها بالجنون، تهرب "زين" منها،
وقيد المجتمع الأزلي، إلا أنه لم يتركني لو للحظة الشعور بالحرية لمجرد ظهورها ولا
أدري لما كانت تمتاز بنقاء وعفوية الأطفال؟ أم أن هذا يعتبر وسام الجنون.. وانتظار
الحب، الحب الذي انتظرته وداد التي تمت خطبتها لأكتر من إحدى عشر مرة وجميعهم وصمها
بالجنون، الحب الذي ألتقت به ذات صدفة بمتروالأنفاق وأدركته وظلت وراءه، لكنه لم
يدركها إلا بعد فوات الأوان.
في نظري استطاعت عبلة كامل نقل مشاعرها إلى المُشاهد عن طريق حركة جفونها وشفتيها
حتى قبل حديثها، أما عن نبرة صوتها المميزة فكانت هي العنصر الأول والأهم لنقل
تفاصيل الشخصية وعناصرها للمُشاهد، وتضارب ابتسامتها البديعة مع نبرة صوتها الشبه
باكية يمثلان في ذاتهما الهيستيريا.
حكى بلال فضل في برنامج "الموهوبون في الأرض" أن أحمد زكي كان هو
من رشح عبلة كامل لدورها ف فيلم هيستيريا، وكان من أشد المتحمسين ليها والمؤمنين
بموهبتها، وكان في أثناء كواليس الفيلم بعد كل مشهد يقول لها: "يا عبلة انا شايفك
دلوقتي قدامي وانتي واقفة ع المسرح بتستلمي جايزة احسن ممثلة وانا قاعد تحت بسقفلك"،
فترد: "ربنا يخليك يا استاذ أحمد دا أنت اللي هتبقى واقف بتستلم الجايزة
واحنا كلنا بنسقفلك"، فيقول لها: "يا عبلة اسمعى اللي بقولك عليه .. يا
اخونا .. انا هو قاعد بشوف عبلة وهى طالعة تستلم جايزة أحسن ممثلة". والحقيقة
أن ما حدث بعد ذلك هو حصول عبلة كامل على جائزة أفضل ممثلة دور أول من المهرجان
القومي للسينما في دورته الرابعة عن دور "وداد" في فيلم هيستيريا.
هيستيريا المجتمع
ولعل أبرز ما تناوله الفيلم كانت معاناة المجتمع آنذاك، والقضايا التي
لاتزال شائكة إلى الآن؛ زهد الفقر وغباء الغني ومتاجرته بقلوب الفقراء ومعاناتهم، الفقر
الذي يقف عائقًا للحب.. وللحياة، الفقر الذي وقف عائق أمام حب حورية رزق، الفقر
الذي جعل زين في ريبة من حب فوزية له، الفقر الذي دفع رمزي لتصنّع الأنوثة بغرض
جمع الأموال، في نظري تناول الفيلم أيضًا قضية تزويج القاصرات الذي شاع في السنوات
الماضية التي سبقت عرض الفيلم، حيث ظهرفي لقطة قصيرة غير بارزة لكنني رأيتها
إسقاطًا بارزًا على تلك القضية.