بينما
أجلس وحدي بعيدًا عن الضوضاء والأضواء.. انتظر كوب القهوة المفضل لي.. أفكر كثيرًا
في موضوعي القادم.. عن ماذا اكتب، ثمة مواضيع مثيرة وكثيرة تحوم بمخيلتي، وقلمي
ينتظر إشارة البدء، كي يحول تلك الأفكار لحروف وكلمات وعبارات ومواضيع..
ولكن
يا سادة؟ الأمر لم يعد يثيرني، لم يعد ممتعًا مثلما كان من قبل، المواضيع التي
يحتاجونها سهلة بسيطة في غاية السطحية والإثارة، فضيحة علان، طلاق فنانة، حوادث كوارث، اهانات من مسؤول كبير، تراشق بالألفاظ في الفضائيات.
جاءت قهوتي
المفضلة لكي تقاطع تلك الأفكار، اتوقف قليلاً مع البخار المتصاعد من فنجان القهوة،
أتامل للحظات واتساءل.. كم من أشياء تبخرت هكذا مثل هذا الدخان اختفت سريعًا ولم
يعد لها أثر..
أتذكر كم
الاحداث المثيرة للجدل التي كتبت عنها، أتذكر تلك الجوائز التي حصدتها، مشاركات،
تفاعلات، "الشير" هنا وهناك، العديد من التعليقات والتساؤلات تنهال على
صفحتي، لكن مع كل مشاركة وتعليق و"كومنت"، أشعر أن شيئًا مهما يتساقط
مني!
وكأنني
أقف أمام شجرة مثمرة اقطف الأوراق والفروع، حتى تساقطت ثمارها وتعفنت ثمرة تلو الثمرة!
أشعر
أن لوحة مفاتيحي وكأنها تسخر مني ومن سذاجتي، الهث وراء سلعة واتهافت عليها مثلما يتهافت
الملايين عليها، وابيعها بأرخص ثمن في أرخص الأسواق.
أتامل
كم صرت اتجمل بكلمات جميلة ورنانة تطرب أعين القراء، واختفي تحت ظلال القيم
والمبادئ، حتى صارت صحيفتي غلافًا فحسب، صارت عنوانًا بلا أي مضمون، فتحولت أنا معها
مع مرور الوقت لـ جسدًا بلا روح.
اختفى
البخار، ومعه اختفت تلك الأفكار التي راودتني للحظات، بردت قهوتي المفضلة، طعمها
كان مرًا للغاية.. ورغم ذلك تناولتها!