أحمد الحجار |
كتبت - إيمان عيد
عندما تأتينا تلك الكلمات بصوت ملائكى هادئ القسمات يشدو
معبرًا: "عود الفجر لسه بيبتسم بين دمعتين.. عود الفرح ممكن يتقسم على شفتين...
عود..الوهم مات والذكريات قالتلى حبك بالوجود.. ياريت تعود.. ياريت تعود"
حتى يستعيد جيل السبعينات والثمانينات جُل
ذكرياته عن فترة فنية كانت غزيرة الانتاج وخاصة بمجال الغناء الذي افرز ما عرف
وقتها بالاغنية الشبابية ... حتى جاء ذلك الرجل القابع خلف الصفوف الاولى ليشدو
بهذه الرائعة التى غزلها جمال بخيت ونسجها وحاكها احمد الحجار ليكسو بها حنجرته
وتجعله ضمن صفوف المميزين قبل المشهورين.
صوت دافئ حنون
أحمد الحجار هذا الصوت الدافئ الشجى الحنون، الذى
رحل عن عالمنا منذ عدة أيام، لم تكن هذه الاغنية هى عمله الأول بل كانت عمله
الأميز ضمن إرثا فنيا لا بأس به فهو لديه أربعة ألبومات غنائية، فضلا عن تلحينه
اغانى كثيرة لعدد كبير من مطربين حقبة التسعينات مثل علاء عبد الخالق وهشام عباس
وانوشكا وانغام، كما كانت له تجربة مع الفنان محمد فؤاد بتلحين اغانى فيلم امريكا
شيكا بيكا، والتى كان من اشهر اغانيه "يعنى ايه كلمة وطن" .
وأيضا شارك فى المسرح الغنائى بالعديد من
المسرحيات التى وضع لها الالحان مثل مسرحية يمامة بيضاء، رصاصة فى القلب، خالتى
صفية والدير، عيال تجنن، وعدد من المسلسلات التلفزيونية على سبيل المثال : مذاكرات
زوج، محاكمة الجيل، عصر الفرسان، كوم الدكة، كما قام بتلحين وغناء تتر السهرة
الدرامية لا تخرجوا أدم من الجنة.
بدأ الاحتراف وهو طالب
ويذكر أن احمد الحجار بدأ مجال الإحتراف وهو
طالب فى السنة الأولى له بالمعهد العالي للموسيقى العربية، بلحن (أعذرينى) ﻷخيه
علي الحجار، كما تعلم وبرع فى العزف على آلتي العود والبيانو خلال دراسته بالمعهد،
ولما لا يبرع ويتفوق وهو الذي نشأ في عائلة فنية لأب مطرب وملحن ومعلم لقواعد
الغناء والموسيقى وهو الفنان "إبراهيم الحجار"، الذى عرفناه فى اواخر عمره حين قدر له
الظهور فى مسلسل بوابة الحلوانى فى دور معلم الموسيقى الذى تعهد بتعليم ألمظ الغناء.
له نصيب مشابه لنصيب والده
وقد كان نصيب احمد الحجار مشابها لنصيب والده
ابراهيم الحجار، فهو معروف داخل الوسط الغنائى، وله ألبومات غنائية وألحان للكثير
من المطربين، ورغم ذلك لم يكن بالمطرب المعتاد على الظهور بالمسارح او الافراح
وكذلك بالملاهى الليلة كبقية جيله، ذلك يرجع الى طبعه الخجول ودماثة خلقه، الذي
جعله ممن لا يحبون الظهور على شاشات التلفاز او تجعله نجم اغلفة المجلات والأحاديث
الصحفية فقد خلق لنفسه حالة فنية متفردة من نوعها لا يهتم الا بفنه وعمله أكثر من
الثرثرة والتنظير عنه.
بينما ترك الشهرة على نطاق واسع لإخيه "على"
فقد كون قاعدة شعبية وجماهيرية رفعت اسم الحجار واجرته على ألسنة العامة والمثقفين،
ليكون واحدا فى الظل والاخر تحت الأضواء.
في ليلة بلغ اسمه عنان السماء
ولكن هذا لم يقلل من شأن وموهبة أحمد الحجار
الملحن الذي كانت اول الحانه الذى ظل يدندن بها فى اولى اعوامه الدراسية وهى "اعذرينى"
من نصيب أخيه على فكتب لها نجاحا رائعا.
وأصبح له بعد ذلك أغانيه الخاصة وألحانه للعديد
من الأصوات الغنائية، حتى إذا ما عاد هو للغناء بأغنية "عود الفجر لسه بيبتسم
بين دمعتين " حتى تردد اسمه بقوة وفى ليلة وضحاها بلغ عنان السماء، وتمنى
الكثير بل ألحوا على شاعر الأغنية جمال بخيت أن يكتب لهم شيئا بروعة تلك الكلمات،
ولكنها كانت الأولى والأخيرة.
حالة فريدة في الكتابة والتلحين
كانت حالة فريدة من نوعها فى الكتابة
والتلحين والغناء، فكانت عود هى الوتر الحساس الذي تسلل به أحمد الحجار إلى وجدان
وعقل جيل كان لازال مرتبط بغناء العمالقة مثل عبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب،
إلى ان جاءته الأغنية الخفيفة التي اطلق عليها "الشبابية".
ليتصارع داخل هذا الجيل قيمة الفن الاصيل الذي
تمتد جذوره فى اعماق الشخصية المصرية، وبين الحداثة التى تريد ان تصنع قواعد
ومدرسة غنائية تلائم روح العصر بما فيه من سرعة وحيوية، حتى فك احمد الحجار هذا
الاشتباك بأغنية عود التى جذبت كلا الفريقين وكما يقولون تبقى الغلبة دائما لكل ما
هو أصيل، ليظل هذا الصوت وان صمت عوده يملاء وجدان من سمعه ورافقه طيلة حياته
واصفينه بأنه بشر بصفات ملائكية.