كتبت – سماح فكري
تغيرنا، وتغيرت الحياة من حولنا، فأصبح رتم الحياة
سريعا حقا عن ذي قبل، وأصبحنا نجري ونلهث كي نستطيع اللحاق بالركب.
ولكن ..
هل فكرت يوما كيف يشعر طفلك؟.
ماذا يحب أو يكره ؟
ماذا يريد حقا؟
كم مرة جلست مع طفلك كي تتحاور معه وتسمع
منه؟
كم مرة أٍستمعت له بإهتمام وكأن ما يقوله لك
هو أهم شئ في الحياه؟
هل حاولت أن تكتشف مواهبه؟ ما الذي يبرع فيه
دون غيره؟
هل أنتبهت لتصرفاته وما تعنيه؟ أم أكتفيت
بتوبيخه دون النظر فيما وراء ما يفعله؟
هل حقا تصدق انه صغير ولا يعي أي شئ؟
كل تلك التساؤلات تحتاج منا أن نجيب عليها
حتى نعرف هل نحن نربي أطفالنا فعلا بالطريقة الصحيحة؟، ام إننا نظن أن التربية هي
توفير أفضل أكل وأفضل تعليم وأفضل ملابس وأفضل سكن وأفضل.
أنا لا أنكر أهمية كل تلك الأشياء لمستقبل
الطفل ولكن هل هذا ما تحتاجه نفسيته فقط؟ هل هذه هي التربية حقا؟
الطفل كائن مثل أي كائن آخر في الحياة له احتياجات
أساسية كالمأكل والمشرب والملبس، ولكنه أهم من أي كائن آخر ويحتاج للرعاية أكثر.
أنه يدرك أنك تعمل كي تشتري له كل تلك
الأشياء الجميلة، ولكنه أيضا يحتاج إليك بجواره، يحتاج للحضن كي يشعر بالدفئ
والأمان، للحب كي يشعر بالثقة وبأنه محبوب ومرغوب، بالأهتمام كي يشعر بأهميته
واهمية كل شئ بسيط يفعله، بالحوار والحديث كي يعرف ويتعرف على ذاته واهتمامته ويري
العالم من منظارك قبل أن يواجهه من منظاره الشخصي.
يحتاج منك ان تراه وألا تعامله ويكأنه كائن
شفاف ليس له وجود، الألعاب والنقود والحلوى والملابس الجديدة لن تغنيه عن أب وأم،
الطفل يشعر منذ أن كان جنينا في رحم الأم، يسمع ويرى ويستشعر كل شئ، إن كان الجو
المحيط به مضطربا فهو يعرف ... وإن كان حزينا فهو يدرك ... وإن كان عنفيا فهو يفزع
... وإن كان هادئا حنونا دافئا فهو يهدئ ويستقر ... في سنواته وشهوره الأولى يدرك
كل شئ ولكنه لا يستطيع أن يعبر.
يستمد من الأم والأب الأمان والحب والحنان،
قبل الطعام والشراب والملابس، فبررغم حداثه عمره إلا أنه يفهمك حين تحادثه وينصت
إليك.
يتقدم به العمر فيستطيع نطق بضع كلمات فيبدأ
يختبر معناها وأيضا يختبر رد فعلك تجاهها وتجاه كل تصرفاته، أنه عزيزي الأب والأم
يختبركما منذ لحظة ميلاده.
يختبر ردود أفعالكما تجاه بكائه وإيمائاته
ضحكاته... أن الطفل ليس بغبي أو ساذج بل انه مخلوق ذكي بفطرته السليمه.. وانت ...
أنت وحدك من تشكل كيانه.. أستمع له حاوره، تكلم معه، أفهم غضبه، شقاوته، أفعاله وإيماءاته.
لا تخبره ان هذا صح وهذا خطأ فقط، بل وضح له
لما هذا صح وهذا خطأ، لا تقل له أفعل ولا تفعل بل علمه ما يجب عليه فعله ولماذا
وما يجب أن يبتعد عنه أيضا ولماذا، عامله على انه شخص يدرك ويعي وستندهش من مدى
أدراكه لما تقول ووعيه.
اهتم بما يهتم به وناقشه فيه، تابعه وأوجد ما
يبرع فيه ونميه لديه فلعلك تجده ذات يوما عالما أو أديبا أو مخترعا أو طبيبا
ماهرا، لا تعنفه على كل شئ فما حدث قد حدث ولن يفيد تعنيفه، ولكن حاول أن تستوعبه
وتريه الخطأ وتساعده على ألا يكرره فهذا مفيد أكثر من تعنيفه.
لا تنعته بالغباء فيصدق كلماتك، فانت لطفلك
أول مرشد ومعلم وكلماتك بالنسبة له قانون يصدقه دون جدال، أنظروا إلى أطفالكم
وشاهدوهم جيدا أسمعوهم فهم المستقبل.