الصوفية تذوق قلبى |
تشتت المذاهب الاسلامية كل منها تلو الاخرى لتسلك مسالك منها ما يتفق مع تعاليم الاسلام وصلب الدين ومنها من شحذ عنها، وما نحن بصداه في موضوعنا هذا مذهب كثرت حوله الاقاويل بين منتقدين وتابعين حد الهلاك منها من وصفها بالألحاد وتكفير كل من يتبع تعاليمها ومنها من يراها حلول ألهى وأتحاد لا يشعر به إلا من خاض التجربة ذاتها، ألا وهي "الصوفية".
الأصل الاشتقاقي لكلمة تصوف
اختلف المؤرخون في تحديد الاصل الاشتقاقي لهذه الكلمة، وتعددت أراءهم في هذا الشأن، فقيل ان الصوفية نسبة لأهل الصفة، وهم قوم فقراء المهاجرين والأنصار، بنيت لهم (صفة) في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم يتعبدون فيها وحدهم، وقيل انه مشتق من اسم (صوفه بن مرة) أحد حراس الكعبة وخدمها في الجاهلية، وقال بعض المستشرقين أن كلمة (صوفية) مشتقة من كلمة (سوفيا) اليونانية التي تعنى الحكمة.
لكن أكثر الأقوال قربا الى الصواب، هو ما ذهب إليه البعض من أن كلمة (صوفية) مشتقة من (الصوف) الذي كان من الاردية الخشنة التي كان يلبسها الزهاد والأوائل، فيقال (تصوف الرجل) إذا لبس الصوف وسلك طريق الزهد، وابتعد عن بهرج الدنيا، طمعاً في الآخرة.
مفهوم التصوف
بدأ التصوف الإسلامي على هيئة حركات الزهد والعبادة والنسك، والتي اعتمدت على الجهود الفردية لأصحابها، ثم تطور الحال وظهر التصوف تدريجياً في العالم الإسلامي، وأصبح يمثل تيارا دينيا بارزا له مكانته في الاسلام، ويعتمد على اصول فكرية منظمة، كان لها شأن في المجتمع الإسلامي.
الخصائص الأساسية للتصوف
خلق الصوفية روح الأسلام |
كل منها تؤدى إلى الأخرى:
1- الترقي الأخلاقي: ويكون بتصفية النفس بالرياضيات النفسية والزهد في ماديات الحياة وصولا إلى الترقي الأخلاقي والسمو النفسي.
2- الفناء في الحقيقة: أي عدم شعور الصوفي بذاته، ولكنه يشعر بفناء ارادته الفردية في إرادة أخرى مطلقة.
3- إدراك المعرفة الذوقية المباشرة (القلبية) حيث يدرك الصوفي المعرفة الحقيقية من مصدرها العلوي بالذوق القلبي (الحدس المباشر) الذي يؤدى إلى حالة (الكشف) عن كثير من الحقائق والتي يعجز العقل الاستدلالي عن الوصول إليها.
4- الرمزية في التعبير عن المعرفة الذوقية: المعرفة القلبية معرفة لدنية تعجز اللغة عن التعبير عنها وهنا تحل الاشارات والرموز محل اللغة بين أهل الصوفية.
5- تحقيق الطمأنينة الداخلية والسعادة النفسية: عندما تتم الخصائص السابقة يطمئن الصوفي، ولا يجزع لأي شيء في الحياة الدنيا الفانية.
المكانة الاخلاقية للتصوف الإسلامي:
التصوف يتسم بمكانة اخلاقية راقية، جعلت غالبية المؤرخين القدماء والمحدثين يقررون ان (التصوف خلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الصفاء).
وقد أدرك صوفية الاسلام قيمة الاساس الخلافي للدين، فوجهوا اليه اهتماماتهم وركزوا عليه في مجاهداتهم ورياضاتهم، وأصبح الصوفية أهل خلق في الإسلام نظرًا وعملاً، وفكرا، وسلوكًا.
وقد عبر أحد الصوفية "ابن المعتز" عندما سئل عن وصف الحالة التي يشعر بها فرد عليهم قائلاً: (فكان ما كان مما لست اذكره.. فظن خير أو لا تسأل عن الخبر).