مع
انتشار أجهزة ووسائل التواصل الاجتماعي، وتوفر تدفق الانترنت بعروض بسيطة في شتى
الدول، ما مكن الشعوب بكافة طبقاتها وفئاتها العمرية من تصفح جميع المحتويات؛
بمختلف وجهات النظر صارت هاته المصادر المتحكم الرئيسي في سيرورة الرأي العام ولها
تأثير نافذ، همس بقية المنابر.
وفي ظل
القلة ممن ينبهرون بمحتويات مفيدة وينتظمون معها، نجد كثرة تتبع سياسة القطيع
الموجع، وفي نفس الوقت تقع في النفاق الالكتروني، بشكل عمدي أو عفوي، فما هو هذا
النوع من النفاق؟، وما هي أشكاله؟
ما هو النفاق الإلكتروني
النفاق
الالكتروني: هو إبداء تصرفات متناقضة أو إبداء شيء وإضمار عكسه، التنكر أو حتى
ازدواجية المعايير في تقييم الأشياء حسب المصلحة، أي تقريبا رياء مناقض
لعبارة" لا تنهى عن شيء وتأتي بمثله على عليك إذا فعلت عظيما".
أشكال النفاق الإلكتروني
من
أشكاله ما يلي:
1- تقلب
الرأي بين المداهنة والمهاجمة:
نرى
غالبا صفحات كبرى، لها عدد هائل من المتابعين، تعالج المواضيع بشكل عاطفي صبياني وتحشد
الرأي العام ضد شخصية معينة (سياسية، رياضية، اقتصادية...)، وقد تقلب رأيها في
اليوم الموالي، وفي قالب نقدي بعيد تماما عن الموضوعية، ويتناقل البعض الأخبار عبر
المجموعات دون مراعاة لأي معايير أخلاقية.
وقد
يمتد ذلك إلى الحسابات الشخصية بين الناس في المجتمع، حيث أصبحت أحسن وسيلة لتصفية
الحسابات أو التملق والتقرب بغرض الحصول على المبتغى.
2- عرض حياة مزيفة
لا
يكتفي البعض بإنشاء حسابات وشخصيات مزيفة في العالم الافتراضي، بل يذهب إلى عرض
حياته بشكل مزيف، بغرض الظهور على أنه من طبقة معينة، ويعيش حياة ملئها الرفاهية وقد
يرمي البعض من هاته التصرفات إلى اصطياد الجنس الآخر.
3- تقمص لباس الطهر والعفة
يتقمص
البعض عبر وسائل التواصل دور المفتي أو المعصوم، الذي يصدر فتاوى ويعقب ويعلق
بلسان سليط وأحكام مسبقة على العامة، ومن خلال صور متجاهلا ما قد يصر من فمه من
اتهامات باطلة وقذف مبني على الظن، ويتبعه في منحاه الآلاف بعده، فيما حقيقته
المستورة كغيره بفضل الله قد تكون معاكسة تماما لأراثه و قد يكون ثملا بغالب
المعاصي التي ينتقدها يوميا، فهو مغاير تماما للفئة التي تدعو للخير، و تنشر
التفاؤل و تدعو للمعروف و تبادل الفوائد و تحشد لهبة انسانية، و تنهى عن المنكرات
في إطار مؤدب يلف مقترفها نفسيا للتخلي عنها.
4- النميمة الإلكترونية
نجدها
في أصناف مختلفة أبرزها صنفان:
·
تناقل الأخبار الكاذبة لإشعال
النعائر بين فئتين من المجتمع نفسه، مثلا ضد الأطباء أو الأساتذة، التجار، أو بين
الرجال والنساء، الحكومة والشعب وغيرهم، أو لانزلاق طائفي أو عرقي أو ديني أو
شعبين، وهذا ما انجر عنه الكثير من الفوضى والضحايا فيما يبقى المحرك بعيدا تماما
عن الساحة والضرر والأنظار.
·
الصنف الثاني هو نقل المحادثات
عبر لقطة للشاشة وهذا ما أجج خلافات كبيرة وصلت لتفكيك أسر وشجارات عميقة وقطيعة
بين الناس.
5- وجه آخر النفاق الالكتروني يكون عبر توثيق الصور بدلا من إنقاذ الضحية
هذا ما
يؤجج الرأي العام، وقد يكون بشكل عفوي والمصور لا يملك جهد إنقاذ الضحية فيما قد
ينتهج آخرون سياسة الفبركة تحت قاعدة "إذا أردت أن تعرف أصل مشكلة فانظر من
المستفيد منها" هنا يكون الغرض سياسي، بأيادي داخلية أو خارجية أو بين
سياسيين البلد نفسه، أو بغرض التسول ويكون المصور مستفيدا في ذلك.
في حين حددت سياسة الفيسبوك وبعض وسائل التواصل، كلمات
تجر صاحبها للحصر لاتقاء السب والشتم وهذا الإطار، وانتهجت السياسيات في الدول
عقوبات ضد التسريب تبقى فجوات واسعة تمر عبرها النفوس المريضة لتسميم الجو العام و
استنزاف الطاقات الإيجابية من حولها.