الكثير منا مر بتجربة فاشلة في الحب، انفصال أو طلاق بغض النظر من كان المخطئ فيه من الطرفين، و سواء انفصلوا عن تراض و ود، أو قطيعة و خروج كل طرف من حياة الآخر.
الصورة النمطية في الفترة الأولى ما بعد الانفصال تكون دخول في حالة اكتئاب و غيرها، كما يخطئ البعض بالدخول في علاقات أغلبها عابرة أو إيجاد بديل لسد ذلك الفراغ الذي تركه الشريك.
اذا قيدت فترة ما بعد الانفصال بعاطفة و فوضى أحاسيس ستُجَابه ببعض ردود أفعال من الدائرة الاجتماعية المنفصل و تؤثر عليه سلبيا لاحقا نتيجة بتصرفاته العبثية اللامدروسة .
فيما يحكم البعض التصرف في هذه الفترة و ليعيشها بهدوء، ثم يضع نقاط التقييم الذاتي ليحاول شطب السلبيات و الأخطاء الصادرة منه و يقومها، ثم يعمد الإيجابيات و يبني عليها طريقا للمستقبل.
من هذا المنطلق نجد الكثير مِن مَن يفضلون عدم الارتباط مجددا، و التعايش بمفردهم بنظام حياة تملؤه الحيوية ، لكنهم أيضا يلاقون عدة انتقادات و اقتراحات من الأصدقاء، حتى أن البعض يتجنب الحديث عن الأولاد و الزيجات أمامهم ظنا منهم أن هذا سيسبب لهم احراجا أو ألما داخليا.
فإذا نظرنا لحياة غالب الأوروبيين نجد أن الكثيرين من كبار السن لديهم يزاولون حياتهم بمفردهم، منظمين نشاطاتهم اليومية و الأسبوعية، زيارات الأهل والأصدقاء، الحفلات و غيرها و يهتمون بالقراءة و تنسيق الحدائق و كثير من الأعمال المفيدة للطبيعة.
في العالم العربي هناك الدين الإسلامي الذي يحث عادة على الزواج، و الذي يمنع انزلاق الإنسان في المحرمات، و يصنع الزوج حرمة للمرأة حسب العرف الاجتماعي الشرقي و المغاربي، مهما كانت مكانتها الاجتماعية، مستقلة مالية أم لا، لكن كثرة الزيجات المؤقتة و كثرة قضايا الطلاق، و ظهور عدة آفات سلبت الزواج قدسيته، جعلت الكثيرين يعزفون عنه.
بالعودة لاستمرار الحياة بعد الانفصال، نجد أن خسارة الحب الأول دفعت بالبعض للعيش تفاصيل الحياة بتقدير ذاتي عالي جدا، و إثبات للإكتفاء و السلام العاطفيين، دون الحاجة للولوج في علاقة مترنحة لحمل لقب متزوج بين الناس.
فمثلا نجد من الرجال من هاجر للعمل في ديار الغربة لستوات، ثم عاد هنا ليؤسس شركة أو ورشة خاصة به، يديرها مع مجموعة من الموثوقين من حوله، قد يعتمد على أحد أبناء إخوته، لكن يرى حياته لا يعتريها نقص، و رغم اقتراحات الأهل العديدة، وعرض العرائس هو يدرك جيدا أنه مرتاح في نمط معيشته، و لا يحتاج لمن يخربها.
من جهة أخرى نجد عديد الموظفات في العالم العربي، سواءا وظيفة حكومية أو ورشات خياطة و حلاقة، ينظمن أحلامهن على سلم زمني، و لا يأبهن لترهات المجتمع في هذيان العنوسة، فهن يعلمن جيدا أن الوضع الاجتماعي و المسؤوليات تؤثر بشكل ثقيل على حب الزوجين لبعضهما، فمنهم من يحارب الحياة جنب الآخر و منهم من يفشل في أن يكون ذرعا اجتماعيا لعائلته، فكيف إذا كان زواج تقليدي للم حطام شخصين أثر عليهما الماضي بشكل أو بآخر.
فتكتفي غالب الفتيات اللواتي لا يفكرن في إنشاء أسرة مؤقتا أو البثة، بتسطير أهذاف و تخطيط مالي ذاتي أو لجانب الأسرة، و يكون صداقات داخل جمعيات في دورات تكوينية حرفية، أو مدارس حفظ القرآن، و لا بثوانين عن استحضار كامل سعادتهن و زينتهن في المحافل الرسمية و الأعراس، كاسرات بذلك النظرة النمطية لهن و التي كانت سابقا تصنف في خانة الشفقة.