نحيا فى عصر يتميز عن غيره من العصور السابقة بتقدمة الهائل فى الحضارة التكنولوجية وتمركز العلم الذى اصبح هو محور جميع فروع الحياة بشتى مجالاتها ، وبالتأكيد كما تمثل التكنولوجيا اثار ايجابية ساعدت على تيسير الحياة على الأنسان إلا انها تحمل فى طياتها العديد من اثارها السلبية، والذى اول من اندثر فى عباءتها هو الانسان نفسه.
التقدم العلمى وسيطرة الآلية على الأنسان :
يرى الفيلسوف "جان بول سارتر " أن مع تقدم العلم التجريبى المادى زاد ايمان الناس بأنه هو وحده اساس اى تقدم ، مما جعل غالبية المفكرين جهودهم لدراسة العالم الطبيعى واهملوا دراسة العالم الانسانى ، لذلك جاءت وجودية سارتر لكى تعيد توجيه الانظار ثانية نحو اهمية دراسة الوجود الانسانى وماهيته والتى انطوت بين اغتراب وتشيؤ .
الاغتراب :
هو التنازل عن الملكية للاغيار ، فالاغتراب هو نمط من التجربة يعيش فيه الانسان نفسه كغريب او بالاحرى انه قد اصبح غريب عن نفسه بالفعل ، إنه لم يعد يعيش نفسه كمركز لعالمه وكخالق لافعاله بل إن افعاله ونتائجها اصبحت أسياده وواجب عليه الاطاعه .
وفى الاغتراب يتنازل الانسان عن نفسه إزاء استسلامه لقيم المجتمع السائدة لاسيما فى المجتمع الصناعى الحديث ، فأنه يعتنق نوع الشخصية المقدمة له من خلال النماذج الحضارية وبهذا يصبح نسخة مكررة لمن حوله اى يصبح آله متطابقة مع ملايين الألآت المحيطة به.
وبالتالى فالاشياء التى من صنع يداه والتى يستهلكها تتحكم فيه وتتسيد عليه ويتحول فى هذه الحالة من أنه الصانع والمركز إلى خادم ، ويفقده الاغتراب كرامته الانسانية والتى لا تشترى بأى ثمن .
التشيؤ:
التكنولوجيا تعنى فن إنتاج ادوات ومواد الانتاج والاستهلاك وذلك من خلال التطبيق العملى للمعرفة العملية لتحقيق تقدم المجتمع.
يقول "ماركوزه" لقد اصبحت التكنولوجيا هى الناقل الأكبر للتشيؤ .
والتشيؤ : هو خضوع الانسان للاشياء بل وجعل الانسان نفسه شيئاً لا يشعر ولايرى "كالصنم " برجليه يدخل مصيدة اغترابه ، فيصبح شئ لا حياة فيه ولعل الفرق بين التشيؤ والشلل ، هو ان الشلل يصيب اعضاء الانسان ، اما التشيؤ فأنه يصيب روح الانسان ، ومن هنا يفقد الانسان ذاته ويطرده من نفسه ويجعل له وطن غير وطنه الحقيقى ،بل هو شئ وهمى يتقوقع بداخله لا حياة فيه ولكن الأدهى من كل هذا أن يحدث كل هذا بأرادة الانسان ذاته.
كيفية مواجهة الأغتراب والتشيؤ :
لمواجهة أى شئ لابد من معرفته اولاً ، أى لكى نواجه الاغتراب والتشيؤ لابد من الاعتراف به وان يكون لدى الوعى الكامل به وأدراك كافه ابعاده.
يقول "سارتر ": الانسان هو نتاج إنتاجه .
فالتشيؤ فى الاساس هو من صنع الانسان ، ولكى يتخلص من هيمنته عليه لابد من ان يخرج من نطاق عالمه المتشئ وعودته إلى نفسه وتحقيق ذاته والتشبس بالقيم الروحية والاخلاقية بدلاً من المادية .