الطفل ريان |
شهد العالم بأسره خلال الأيام الماضية حالة من الذعر والترقب، اجتمعت الشعوب على قلب رجل واحد بعيداً عن أى إختلافات أو نزاعات فالضحية طفل لا يعرف عن الحياة سوا مرحها وحضن والديه، فماذا حدث ؟ وما الذى خبأه له القدر؟ هذا الذى سوف نتناوله خلال موضوعنا.
من هذا الطفل وما الذى تعرض له
طفل يدعى " ريان" صاحب الخمس سنوات ، ترتيبه الثالث و هو أصغر أخوته ، بينما كان يلعب يوم الثلاثاء كبقية الأطفال وإذ فجأة أختفى عن الأنظار لتفزع القلوب على فقدانه وعدم معرفة طريق له ،اعتقد والده فى بادئ الأمر أنه من الممكن أن يكون فى الحضانة أو كما يطلق عليها بالتعليم الأولي ،ولكن لم يجده فتوقع الأب أنه من الممكن أن يكون فى بيت جده حيث أن العائلة بأكملها تشغل نفس الحيز السكنى ولكن لم ينجح الأمر.
وسرعان ما انتشر الخبر بين الأقارب لتبدأ عملية البحث بشكل أوسع، إلى أن فطن أحد الأقارب إلى أنه من الممكن أن يكون سقط فى البئر الذى بجانب البيت وبالفعل وجدوا أثار لأقدام صغيرة ولكى يتأكدوا قاموا بأنزال كاميرا هاتف محمول لكى تصور إذا كان ريان عالق فى البئر وللأسف تأكدت مخاوفهم ووجدوه منزلق فى هذا البئر.
فقاموا على الفور بأخبار السلطات المحلية المغربية ثم انتقل الخبر إلى إدارة مدينة شفشاون ثم إلى الرباط ثم إلى الوطن العربى والعالم بأكمله.
•ما هذا البئر وما سبب وجوده :
قال والد ريان : " أن البئر حفر من أجل الشرب واستخدامات المنزل وللفلاحة ،وأن تركه مكشوفاً ما هى إلا لحظة إهمال ولكن فى الطبيعى يغطى هذا البئر خوفاً على الأطفال.
فى الحقيقة أن عمق هذا البئر هو 64 متراً ولكن العمق الذى أنزلق إليه ريان هو 32 متراً أى فى المنتصف.
•الشعور المأسوى للطفل:
طفل صغير يبلغ خمس سنوات ،يلهو ويلعب لتتبدل الأحوال فى دقائق معدودة لينحشر فى بئر مظلم لمدة خمس أيام بدون مأكل أو مشرب أو تنفس سليم يمكنه من البقاء على قيد الحياة ،حالة لا يتحملها شخص بالغ، حالة تنقبض القلوب بمجرد التفكير بها ،ترى ماذا كان يحتل تفكير هذا الصغير خلال الخمسة أيام ؟
يقول الأطباء أن ما واجهه هذا الطفل مأساة من كل النواحى الجسدية والنفسية والعقلية حيث تتلخص فى :
١) نقص الأكسجين ،وهذا ما انتبهت له فرق الأنقاذ من الساعات الأولى ولكن لا يوجد يقين تام إنه استطاع استخدام هذه الأنابيب وهل كانت رئتيه على أتم الأستعداد لأستقبالها أم لا.
٢) عدم وجود التغذية ونقص السوائل حيث نفت بعض المصادر من إيصال أى سوائل له.
٣) البرودة حيث أن المنطقة التى يقع بها البئر شديدة البرودة لكونها فى منطقة جبلية والعمق الذى يتواجد فيه أشد برودة من سطح الأرض.
٤) سقوطه يستوجب القلق حيث أنه من المحتمل بشكل كبير أنه تعرض لردود وكسور فى جسده غلبت عليه ليتخذ موضع الجنين فيما ألتقطت الكاميرات.
٥) كم الخوف والقلق والذى جعله يصاب بالإغماء فى أغلب الأوقات ، عدم إدراكه لماذا يحدث معه و لما هو وما هذه الأصوات التى يتعرض لها والتى يهلع لها الأبدان.
•شعور والديه عندما تلقى خبر سقوطه فى البئر :
عندما تلقت أمه الخبر كانت أصوات صرخاتها تصم الأذان ولكن على العكس تماماً كان والده متماسكاً و متمسكاً بأمل إنقاذه من قبل فرق الإنقاذ والتى لم يغمض لها جفن ، وقد قال والد ريان : أن ما حدث كان بسبب لحظة إهمال وفى العادة يقوم بتغطيه بقطع خشبية .
وأنه بعد مواصلة جهود الحفر ومحاولة السلطات المعنية بإنقاذه ففى اليوم الثالث إنبعث الأمل من جديد بقلب أمه واستطاعت أن تنام بفضل إلتفاف العالم حول قضية إنقاذ ريان ودعوات جميع الشعوب والطوائف بأن يرد سالماً غانماً إلى أهله.
عمليات الحفر بموازة البئر |
محاولات السلطات المغربية فى إنقاذه:
لم تتهاون السلطات المغربية فى التواصل المباشر لعائلته وإرسال كافة الأمكانيات لإنقاذه من خلال فرق مختصة وكذلك فريق طبى مجهز للتدخل لإنعاشه.
ومن خلال المهندسين المختصين وكذلك الطوبغرافين استطاعوا تحديد العمق الذى إنزلق إليه ريان ولكن واجهتهم مشكلة أن البئر يتسع من الأفق ويضيق فى القاع ،ليقوموا بالحفر بجانب البئر بشكل عمودى ثم الحفر بشكل أفقى وتوقف الحفر عدة مرات بسبب التربة الهشه وكذلك صعوبة التضاريس فى هذه المنطقة ولكنهم واصلوا الأمر.
إنبعاث أمل غلفته صاعقة الموت:
واستمر الحفر حتى استطاعوا بالفعل الوصول إلى الطفل وبينما كان جميع الحضور يهلل ويكبر وهدأ روع أمه بحتضان طفلها شوقاً عن الأيام العجاف ،لتتلقى صدمة خبر وفاته من قبل الفرق الطبية التى تدخلت على الفور لإنقاذه.
نهاية مأسوية للطفل ريان |
ريان الطفل الذى نقل عنه أنه عندما كان يذكر اسمه يذكر "السيد ريان"، ها وقد تحققت مقولته أصبح سيداً تتهاتف الأقلام على سرد قصته وكم المعاناة التى تعرض لها والتى لا يستطع أن يتحملها رجل يافع، واستطاع هو التمسك بالحياة لعدة أيام والمقاومة والمثابرة ولكن أمر الله نافذ.
طفل كان رسالة للبشرية أجمع، جاء ليعلمهم درساً فى الإنسانية ليذهب ومعه حكمة الله فيما حدث معه، انشقت القلوب بوفاته بعدما اتحدت على وجيعة فقدانه، وما لنا سوا الدعاء لأهله بالصبر والسلوان.
إرسال تعليق