أمر العبد تابع لمشيئة الله .. فأصبر وتوكل عليه

فضل التوكل على الله


يرزق الله من يتوكل عليه كما يرزق الطير، فجميع الأمور معلقة على مشيئة الله التى تسبق مشيئة العبد، فعلينا أن نتأدب مع الخالق فى تقديم المشيئة على الفعل كما تأدب نبينا محمد  والمرسلين من قبله، فإذا سألت فسأل الله، وإذا عزمت فتوكل عليه، فإذا شاء فليكن وإذا لم يشاء فهو خيرا لك.

 

قصة سيدنا محمد مع أهل قريش


عندما ذهب مجموعة من كفار أهل قريش لسؤال سيدنا محمد عن الروح، وأهل الكهف، وذي القرنين للتأكد من نبوته، فلم يكن أوحى بهم رسول الله فوعدهم بالجواب عن سؤالهم فى الغد، ولم يستثنى اى لم يقل ) إن شاء الله )، فنزل جبريل عليه السلام الوحى على سيدنا محمد  ﷺ بعد خمسة عشر يوما، فأخبر الله نبيه عن أصحاب الكهف، وذي القرنين، وإن الروح هى من أمر الله.

وجاء معه عتاب الله لنبيه المصطفى ، فقال تعال:}ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا، إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسي أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا{(الكهف23:24)

 

قصة الخضر مع سيدنا موسى


حين علم سيدنا موسى عليه السلام أن هناك من هو أعلم منه، فقرر أن يذهب إليه، فسأله الخضر عن سبب مجيئه، فقال له موسى عليه السلام جئت لكى أعلم منك ما لم أعلمه، فقال له الخضر إنك لن تستطيع أن تتحمل معي الرحلة لكى تتعلم، فوعده موسى بأنه لا يعصى له أمرا، وقدم المشيئة بأنه سيكون صابرا معه طوال الرحلة.

ولكن ليس ما يدركه المرء دائما هو الخير؛ لأن الإنسان تسوقه العاطفة، فحكمة الله دائما هى الخير، فلم يدرك موسى عليه السلام أن حكمة الله فى أن الخضر يعيب السفينة هو الخير وليس الشر، فكان ينتظرها ملكا يأخذ السفن غصبا، وهى ملك لفقراء يعملون فى البحر، وأن قتل الخضر للغلام خشيا من فتنة والديه المؤمنين، فذلك خيرا لهم من أن يضلهم عن سبيل الله، وأن الجدار الذى رممه الخضر فى القرية التى أهلها لا يحسنون للفقراء، ولم تكرمهم حينما دخلوها حتى اشتد بهم الجوع، ذلك خيرا فهو بيتا ليتيمين، وتحت هذا البيت كنزا يخصهما، فإذا وقع هذا الجدار استولي أهل القرية عليه، وضاع حقهم، فأردت أن أصلح لهم هذا الجدار لستر الكنز من طمع أهل القرية، هذا ما لم تستطع به صبرا.

 

رؤيا سيدنا إبراهيم فى المنام


ضرب الله سبحانه وتعالي لنا أعظم الصور والمعجزات فى الصبر، وتقديم المشيئة ليس قبل الفعل فحسب، وإنما حين اختبر الله نبيه إبراهيم عليه السلام مرتين، فكان على إيمانه صابرا لم يهتز، فعند إلقاء الكفار به فى النار، صبر الخليل على اذاهم وظل على إيمانه ثابتا، فنجاه الله من النار، وكانت بردا وسلاما عليه.

ثم اختبره الله عن طريق رؤيا منامية بذبح ابنه، وأن رؤيا الأنبياء وحيا، كما رواه ابن عباس رضي الله عنه، وصححه الألبانى فى صحيحه.

فأخبر الخليل إبنه بما جاء عليه من وحيا من عند الله واجب النفاذ، فقال: }يا بني إني أري فى المنام أني اذبحك فانظر ماذا ترى.{(الصافات: ١٠٢(

وكان من آداب النبوة والطاعة لأبيه، وتقديم المشيئة بالله بأنه سيكون صابرا لقضاء الله وحكمه رد سيدنا إسماعيل عليه السلام فقال له : }يأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين{. (الصافات: ١٠٢)

فشجع سيدنا إسماعيل اباه بأن يفعل ما أمره به الله، وطلب منه أن يلقي على وجهة حتى لا يري وجهه أثناء الذبح، فتأخذه عاطفة الأبوة، ويعطل عن تنفيذ أمر الله.

قال تعالي: }فلما أسلما وتله للجبين، ونديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم، وتركنا عليه فى الأخرين، سلام على إبراهيم، كذلك نجزي المحسنين، إنه من عبادنا المؤمنين، وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين). {الصافات ١١٢:١٠٣(

فكان اختبار الله على نبيه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، بذبح سيدنا إبراهيم إبنه وقبول سيدنا إسماعيل ذلك أشد ما يقع على إنسانا من أمر، ولكن كان صبورا، وقدم مشيئته على الله قبل الذبح، فنجاه الله وفداه بذبحا عظيم، وجزاه الله الإحسان بالإحسان، فرزقه بإسحاق رغم كبر سنه، وبشره بانبياءه من وراء إسحاق وهم آل يعقوب، فكان وراء الإختبار والتسليم بمشيئة الله خيرا عظيما.

Post a Comment

أحدث أقدم