 |
| تكرار دوار |
كتبت - شيماء طارق
حين تتوقف فجأة وأنت تصرخ في أولادك لتضحك وتحاول منع دمعة تصارع تصنع جمودك أمام فلذة كبدك فلقد تذكرت ماكان يفعله لك والديك والأهم أنك تذكرت وعودك لذاتك عن عدم تكرار هذه النوعية من التعامل في تربيتك مرة أخرى..
في طفولة أحدهم كانت تغلق كل النوافذ خشية سقوطه ..فقد عرف عنه أنه لا يخاف ..يمسك الجمر مشتعل ..ممنع الذهاب للبحر مخافة أن يلقي نفسه في الماء..مشاكس هو ويجب أن نردعه ونرعبه ...النار( أوف) ..والنافذة خلفها أسد و(عو)
والسكين (واوا دم )
ولما بلغ الخامسة عشر ..منع من رحلات المدرسة ..فكيف لأمه أن تطمئن أنه لن يخلع (الجاكت)
أما الآن وهو في الأربعين ..فيخشى النزول في المطر
وينتظر عبور الشارع مع أحد المارة ..
وقد رزقه الله طفلة .تؤنسه وقت العصر أثناء شرب الشاي ..لتمتد يدها الصغيرة للكوب ..فتهرع أمها وتصيح( يح يح) فتنفجر الطفلة في البكاء مبتعدة هلعة ....هذا الحدث منذ ستة عشرة عام ...والآن هذه الطفلة سيفوتها امتحان الثانوية لأنها واقفة تأمل توقف السيارات قليلا وتحكي لكم أساس ماضيها ولا تستطيع عبور الشارع من الخوف ...
أبي مستاء أن أمي لم تعد تدلل نفسها مكفهر الوجه يشكو لي أنه أحضر هدية لأمي ورفضتها ..بحكمي كبيرة أخوتي ألبس رداء الفتاة الناصحة العارفة ويدور بيني وبين أمي حوار :
أمي لماذا لا تخلعي هذا القماش من على شعرك وترتدي هدية والدي ( تنورة زرقاء قصيرة وبلوزة بيضاء )..
الأم: (الله يكسفك دي بنص كوم )
أنا: حسنا ..أظن أن ابي معه حق ..فقد أصبحت مثل جدته.. هو الشيب زاده وسامة وأنت تكومت أنوثتك تحت ركام الخجل الغير منطقي ..
أغادر الغرفة لأسمع أمى تتمتم بكلمات عجيبة(قول للزمان ارجع يازمان)
الغريب في الأمر أن الزمان الذي تتحدث عنه أمي هذا قد جاء في يوم وليلة ..يوم تزوجت أنا ..فجأة شعرت أنها كبرت !!
أفرغت عقلي من هذا الموضوع وقمت بترتيب شقة أمى قبل الذهاب لمنزلي فأنا اليوم عند أمى وأبي لأن جدتي رعاها الله ستخرج من المشفى لترعاها أمي ..وفي المساء حضر زوجي
واستقبلنا جدتي وتناولنا العشاء ..وأثناء تناول العشاء سقط منديل شعر أمى على كتفها وانساب شعرها ..
امي خمسينية العمر لكن جميلة حقا ..لاحظت نظرة والدي الشقية ..ولاحظت أكثر حمرة خد أمي !! ولست وحدي من لاحظ بل جدتي أيضا ..لتجحظ عين جدتي غاضبة من أمى
وتزمجر استري شعرك زوج ابنتك جالس!!!
فعل الإحراج بأمي مافعل ..وتراجعت حماسة والدي للخلف
حينها علمت أن لا أمل في أمي أن تخلع منديل شعرها ...