منارة الإسكندرية .. أحد عجائب الدنيا السبع المختفية

pharos

منارة الاسكندرية 


أرض الكنانة مصر، إيجيبتوس، وكل التسميات السابقة لبلاد نهر النيل العظيم، لم تكن فقط بدافع التغني بها وبشعبها، بل لأنها أم  حضارات عريقة تتالت على أمجاد تاريخها الضارب في أصول البشرية، والتي تركت على إثرها معالما تاريخية، وصروحا تسقطب ملايين السائحين والمؤرخين، بغرض اقتفاء أثر الإنسان الأول، وتحليل طريقة تفكيره، وأولى خطواته وتخطيطه للبناء والتواصل الحضاري.

-معالم غير فرعونية:

statut d alexandre le grand a l' alexandarie

تمثال الإسكندر المقدوني في الإسكندرية



رغم شهرة مصر بالحضارة الفرعونية، والتي تتميز بقامات أثرية عملاقة على اعتبارها من أعرق الحضارات وأولها، والتي عايشت تجارب فريدة مثل تحنيط الموتى وبناء الأهرامات والاحتفاظ بالقمح في زمن النبي يوسف الصديق عليه السلام، وكذا فسيفساء سينمائية توثق تفاصيل يوميات الفرعون، استحمامه وحكمه، وحتى مقاربة لجمال زوجات ملوك مصر القديمة كنفرتيتي.

بناء الإسكندرية

Alexandre  le Grand

الإكسندر الأكبر ملك مقدونيا

  
في عام 331 قبل الميلاد، أقدم الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا، على القيام بحروب غيرت مجرى التاريخ، حيث توغل في بلاد فارس،  فمعركتي جرانيكوس وإيزوس العظيمة، ثم دخل مصر في ديسمبر 332 ق.م، عندما كانت تابعة للإمبراطورية الفارسية، وبعد تحرير مصر من الحكم الفارسي قرر بناء مدينة بمعايير خاصة، فوقع اختياره على الأراضي المعزولة الواقعة غربي دلتا النيل، والتي سميت الإسكندرية.

تم تنظيم البنى التحتية وفقًا لمخطط متعامد للشوارع الكبيرة التي تتقاطع وتشكل نمط رقعة الشطرنج، حيث تخيل الإسكندر نموذجًا لتخطيط المدينة لإحداث ثورة في العصور القديمة، مدينة حديثة ستستقبل مختلف الأجناس والألوان من بشر العالم، ثم توجه إتمام فتوحاته في الشرق الأدنى، حيث أصبحت فيما بعد تحوي عدة صروح مهمة منها مكتبة الإسكندرية، وقدم إليها الآلاف ليتلقوا مختلف علوم الفلسفة، الفنون، الهندسة، التجارة وغيرها، حيث أصبحت مهد وقطب العلوم التي انتهجها الغرب والإمبراطورية اليونانية. 
alexandaria, architecture d'alexandrie

مخطط بناء الإسكندرية


جزيرة فاروس

ile de pharos

جزيرة فاروس

اندهش الزوار على أعقاب التاريخ من أبعاد المدينة، حيث يمكن أن تصل الشوارع إلى 30، وهي غنية بالقصور الملكية والمعابد الكبيرة، وفي كل مكان توجد حدائق رائعة إلى الغرب، جسر مبني على سد يربط جزيرة صغيرة بباقي المدينة، وتسمى هذه الجزيرة فاروس، والذي أطلق اسما فيما بعد على  واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة، والتي بنيت على هذه السواحل ألا وهي منارة الإسكندرية.

منارة الإسكندرية :

 
اختفت منارة الإسكندرية لعدة قرون، وهي واحدة من عجائب الدنيا السبع، وتعتبر نصب تذكاري للعالم القديم الذي لا يزال تاريخه يحمل العديد من الألغاز.
 
بعد وفاة الإسكندر الأكبر، تم تقسيم إمبراطوريته بين جنرالاته، فعاد حكم  مصر إلى بطليموس الأول سوتر (المنقذ باليونانية)، والذي أمر ببناء مبنى ضخم يهدف إلى إرشاد البحارة الملاحين في البحر.

بدأ بناؤه عام 297 قبل الميلاد، و انتهى بعد حوالي خمسة عشر عامًا، خلال عهد بطليموس الثاني. 
 
لكن منارة الإسكندرية لم تُبنى فقط للسماح لإرشاد البحارة في توجهاتهم. حيث كان بطليموس الأول قد أمر - قبل كل شيء - من المهندس المعماري اليوناني Sostrate of Cnide بذلك، لإثبات قوته وعظمته، حيث يقدر ارتفاعها بحوالي 130 مترًا.
Sostrate



وهنا يجدر الإشارة أن ابنة أخ المهندس، التي كانت تحلم بتطبيق طموحاتها في الهندسة، والتي كان من المستحيل تحقيقها في اليونان، قد لحقت بعمها للإسكندرية، مصاحبة له خلال تخطيطه وإشرافه على بناء المنارة.
حلم فتاة منارة الإسكندرية



 
نصب تذكاري عظيم بشكل غير متجانس ، تمت إضافته بعد ذلك إلى المباني الفرعونية الموجودة بالفعل في الإسكندرية، مثل Serapeum of Alexandria أو مكتبة الإسكندرية.

صنف ضمن عجائب الدنيا السبع التي صنفها الإغريق قديما

سميت منارة الإسكندرية على المكان التي بنيت فيه على طرف جزيرة فاروس، من فاروس اللاتيني، ومنذ ذلك الحين، تم استخدام كلمة "phare" للإشارة إلى جميع الإنشاءات المقابلة لهذا النوع من المباني.
 

تسببت الزلازل في تدميرها:


بين القرنين الرابع والرابع عشر، كما قيل إن العديد من الزلازل حدثت في المنطقة. هزات زلزالية كان من شأنها أن تضعف تدريجياً منارة الإسكندرية، حتى تتسبب في تدميرها بالكامل، وكان من الممكن أن يكون الحدث الأكثر أهمية في عام 1303 أو 1323، لأن التواريخ تختلف من كتابة إلى أخرى، ففي ذلك الوقت، كانت معظم المنارة (التي كانت مدمرة جزئيًا بالفعل) قد انهارت بعد ذلك، واختفت المنارة كليا في القرن الخامس عشر.

عمليات التنقيب:

يمثل هذا المقطع تمثيل رقمي لجزء من البقايا في قاع البحر لمنارة الإسكندرية، هذه الوسيلة التي سمحت لعلماء الآثار بالوصول مباشرة لكتلة الأحجار.

تصوير رقمي حجارة منارة فاروس 

 

دراسة هذه العناصر، مثل هذه القطع من الجرانيت سمحت بالوصول لمخطط بناء مبنى المنارة
آثار منارة الإسكندرية


حدارة الغرانيت بقايا المنارة


بتجميع وتركيب هذه القطع مثل لعبة البازل توصل عالم الآثار ايزابيل هاري إلى نموذج أحد أبواب المنارة، حيث ثم إنشاءها استنادا إلى هندسة إقليدس.

تصور لأحد أبواب المنارة

 
في وقت بناء الإسكندرية حوالي القرن الثالث قبل عصرنا، أرسى إقليدس أساس الهندسة الأولية، فحدد مفاهيم الخطوط المستقيمة والمخططات والطول، ويُعتقد بشكل خاص أنه وطلابه قاموا بالتدريس في الإسكندرية وشكلوا جسم المهندسين والمهندسين المعماريين للمدينة.

 
euclide

​​العالم إقليدس

 
في الباب يظهر مثلث كشكل بناء عنصري، وفقًا لعالم الآثار ، سيكون بطريقة ما الحمض النووي للمبنى.

بتكرار هذا الشكل سنولد القاعدة المربعة والجوانب الأربعة
المثلث

الوحدة البنائية لبناء منارة الإسكندرية

 
تكرار مثلث وحدة البناء

القاعدة المربعة لمنارة الإسكندرية



عرف علماء الآثار أن مبنى المنارة مكون من ثلاثة طوابق:
الأول بقاعدة مربعة الشكل
الثاني بقاعدة ثمانية الشكل
أما الثالث فبشكل أسطواني.
القاعدة المربعة منظر دانبي

القاعدة الثمانية لمنارة الإسكندرية

الطابق الثالث للمنارة


رسم تخطيطي لنموذج مقارب للمنارة بعد تكوينه تصوريا بعد التنقيب





بعد سنوات من البحث ظهر أخيرًا نموذج موافق تمامًا للأوصاف المذكورة في بعض الكتب القديمة عن المنارة، ثم شيد تمثال موافق لها في الصين.
منارة الإسكندرية

نموذج لمنارة الإسكندرية في الصين

Post a Comment

أحدث أقدم