لصوص رمضان ما بين العادة والعبادة

 
رمضان كريم 

اقترب شهر المن والبركات، شهر العطايا التى تعود فيه الروح إلي الجسد، وتتقرب فيه إلى الله بسائر الطاعات، فقد جمع هذا الشهر الكريم جميع أركان الإسلام من صيام فى نهاره وقيام فى ليله وزكاة تتطهر النفوس وحج يغفر الذنوب.

وللصيام فى رمضان عبرة وعظة أراد بها الله أن يشعر الغني بالفقير فى جوعه وعطشه التى لم يفرض عليه فى رمضان فحسب، فيرق قلبه له ويشعر بما يعانى ويحسن إليه، وما أكثر الدروس والعبر التى يمدنا بها رمضان، وما أجدرنا بأن نستفيد منها، فهو غذاء الروح والقلب لا البدن والجسد ما بين العادة والعبادة هؤلاء هم لصوص رمضان.

▪︎ شهر رمضان للعبادة وليس للمأكولات


يجزي الله عباده المسلمين عن صيامهم وتركهم للمباحات من طعام وشراب، وحكمته فى ذلك أن يقبض المسلم بيده على شهواته، ويشعر بمعاناة الفقير، ولكن أصبح الكثير ينتظر هذا الشهر لتشكيل الأكل وتجهيزه ورسمه على الموائد، ولم يدرك أن الحكمة من صيام هذا الشهر الكريم هى الكف عن الأكل والشراب والتغلب على الشهوات، وليس الحرمان عن الأكل لساعات فحسب، فالغاية هى غذاء الروح والقلب لا البدن والجسد.

أصبحنا نجد أن اهتمام الكثير من المسلمين ينصب على الأطعمة بأنواعها والأشربة بألوانها، فتزدحم موائد الإفطار بمعرض به شتى المأكولات والمشروبات، ويتلاشى عندهم الإحساس بمعاناة الفقراء، متناسين حديث النبي ﷺ : "فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"، أي راحة لمعدته من الطعام والشراب، فيتقرب فى هذا الشهر الكريم العبد من الله عن طريق الحد من الشهوات، والصبر على مشاق العمل من جوع وعطش ابتغاء وجه الله، فالصيام لله يجزي به عباده المؤمنين.

▪︎ أين شهر رمضان من المسلسلات


يأتى شهر رمضان على المسلمين فى كل أنحاء العالم، لينقذ الروح من التدنى ويطهر القلوب، ويقرب المسافة إلى الله، فتبتسم فى هذا الشهر الملائكة من كثرة الحسنات التى تسجل والسيئات التى تُمحى، فهو منقذ التائه الذى يأخذ بيده من الظلام إلى النور.

كان عندما يأتي شهر رمضان على المسلمين تدير الأم التلفاز إلى جهة الحائط، ولا يتم تشغيله إلا بعد شهر رمضان، فكانت تملأ المنازل بالبركات والعبادات.

بمرور الأيام تغيرت مفاهيم كثيرة، وأصبح كثير من المسلمين لا يحترمون قدسية شهر رمضان ولا يُغتنم هذه الفرصة فى العبادة والتقرب إلى الله، والبعد عن الملذات، فنرى الكثير من المسلمين ينتظرون حلول شهر رمضان، لمشاهدة المسلسلات الجديدة، وانتظارهم بشغف عمل نجمهم المفضل، فينادى الله أكبر، والبعض منحنيا على ظهره يشاهد التلفاز، يظن أن صيامه نهارا كافيا فحسب، ويتم الإعلان والترويج عن المسلسلات فى كل مكان، ولم نجد من يروج عن رمضان من ينتظر الإصلاح عليه أن يبدأ به، لم يعد رمضان بالصورة الحقيقية لوجوبه متناسين فضل الله عليهم بهذا الشهر الكريم.

Post a Comment

أحدث أقدم