الفن الهابط

الفن الهابط


كتب – محمد نادر


بدايةً إنّ ممّا يقضي على التلاؤم والتلاحُم بين أفراد أي مجتمع: دخول فرد جديد بين تلك الأفراد.


ومجتمعنا يتميز منذ قديم فنِه وهو مما جعله من التراث الخالد برقيه وتميزه - إن لم يكن كله فمعظمه – فإن نظرنا بعيون ثاقبة وجدنا في فنون التراث المصري بأنواعه المتعددة نسيجاً أصيلاً يجمع بين معانٍ عدة تهدف إلى الخير وإلى التقدم الحضاري.


فمثلاً فن الرسم والنحت وما شابههما (الفن التشكيلي) نجد في طيّات هذا الفن المتأصل في تاريخ مصر هدف نبيل دال على الجمال.


وهو يعدّ وصف لفنان له رؤية فنية إبداعية قلّما أن نستطيع الحكم عليها بالقزازة.


وإن نظرنا إلى فن السينما والدراما والمسرح (فن الشاشة) وجدنا في تقديمه لنا (قديما) منفعة عامة وقيما مبعوثة من مؤديين لهم تأثير على الناس لترتكز في أذهان الناس أيضا نجد روح الفكاهة الممزوجة بآداب التعامل وهو ما نشأ عليه الناس كلٌ منهم مبدع في دوره في المجتمع متقن له.


وإذا ألقينا الضوء على فن الموسيقى، هذا الفن الرائع – غذاء الروح بحق – وجدناه منبع الصفاء النفسي والعقلي، وأنّه من أجمل أنواع الفنون وأطلاهم، فلا تجد مصريا لا ينبض قلبه بألحان سيد درويش أو محمد عبد الوهاب أو بليغ حمدي.


 ثم إنه ليحزنني أنا وعاشقي تلك الفنون أن يتم التلاعب بها بأيدي عابثة خارجية وداخلية تعمل على تعطيل قيم المجتمع المصري بوسائل رخيصة؛ إنني أحب أن أبدي تعارضي الشديد شخصيا مع ما يبتدعه البعض من طرق مسيئة للتراث الفني، كما أبدي تحفظي على دخول أشخاص يعرفهم الجاهلون فقط في ساحات فنية عريقة دامت لسنوات محافظة على عراقتها.

 

كما أطالب المسئولين ألا يتساهلوا مع مثل تلك الاختراقات وأن يتصدوا لها، أن لا يتنحوا جانبا عن تلك المَلَمَات، كما أطالب الأهالي كما طالبت كثيرا أن ينزعوا من أجيال المستقبل تلك النزعة الغير لائقة بالمجتمع المتحضر وأن ينبثوا في أطفالهم روح الموسيقي الأصيلة راقية الألحان ولائقة الكلمات؛ موسيقى الأوبرا، موسيقى المقامات.


لا يمكن أن نتعدى الموجة الّا إذا تكاتفنا ونواجها معًا بشرط أن نتكاتف ونواجه لا أن نختلف ونهرب.


أحدث أقدم