"آه يا قفا آه يا
قفا" من الجمل التي تغني بها النجم الراحل محمود عبد العزيز في فيلم "الكيف"،
لكن في الوقت الحالي "الكيف" تغير تمامًا حيث صارت التريندات
"كيف" لكل شخص يريد بشدة ركوبه مهما فعل ومهما كان الثمن، لكن مع الأسف دون
أن يدري محبي ركوب التريندات يجدون "الكف على القفا" وأن التريند ما هو
إلا بالونة كبيرة تنفجر عليهم.
والقصص لمحبي ركوب
التريندات كثيرة، لكن ما يعنيني وما أخصه بالذكر هم الأشخاص الذين يتفاعلون مع كل
تريند، ويسلمون عقولهم وأفكارهم وآرائهم بكل سهولة، وينساقون بانفعالاتهم وعواطفهم
وراء الأمواج على غرار "سياسة القطيع" التي ذكرها باولو كويلو في روايته
الرائعة "الخيميائي".
ألاحظ مع كل تريند يبدأ
مشتعلاً للغاية مهما كان مضمونه سطحي أو قوي، ثم نجد كل من هب ودب يتفاعلون وأعينهم
لا تفارق شاشتهم، ويتحولون لعباقرة وتملؤهم الإنسانية ومشاعر الحب الفياضة وقد يشعرون
بالكره الشديد وذلك عزيزي المشاهد وفقًا لمحتوى التريند.
الغريب أنه في حياتنا
العادية والطبيعية يرى هؤلاء الأشخاص من محبي ركوب التريند العديد من الشخصيات
التي تمر بمثل موضوع التريند، فمثلاً لو نظرنا لتريند عامل النظافة الذي تم طرده
لوجدنا أن هناك الكثير من عمال النظافة، لكن يبدو أن عامل النظافة الذي تسلق قمة
التريند "حلو ومسمسم" عن باقي العمال!
وهذا التريند بالتحديد
يبين لك مدى قوة الـ "القفا" الذي يتلقاه محبي التريند، سواء ابطال
التريند أو جمهوره، فمع بدايته الكل تفاعل والكل تضامن مشاهير وفنانين ومستخدمين
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويبدو أن عامل النظافة تعامل مع التريند وكأنها لعبة
جديدة لم يحلم يومًا بأن يملكها على حساب "المغفلين"، لكنه بفضل تصرفاته الصبيانية صار مغفلاً
أكثر من متابعيه فوقع في شر أعماله.
فبعد التضامن وجدنا
صاحب التريند وبطله عامل النظافة يصطحب البودي جارد ولديه مدير أعمال، وكأنه تحول
من عامل نظافة بسيط بفضل متابعيه الساذجين إلى بطل خارق لا يمكن التحدث معه بسهولة،
بل وبسبب غباؤه وطمعه في ركوب التريند أكثر فأكثر اسقطه التريند بكل قوة كما أصعده
بكل قوة!
العجيب والمدهش في
الأمر أن نفس الأشخاص الذين تفاعلوا مع التريند وقاموا بتصعيده، هم الأشخاص الذين
تضامنوا وتفاعلوا وتعاطفوا معه، هم نفس الأشخاص الذين شعروا بالملل من كثرة
أحاديثه وتصريحاته وظهوره، كعلقة تضمغها لفترة ثم تلقيها أرضًا.
وهم أيضًا نفس الأشخاص
الذين تحولت وجهات نظرهم وأفكارهم وتضامنوا مع الطرف الآخر، هم نفس الأشخاص الذين
تلقوا الـ "القفا" بكل أريحية وسعادة وأخذوا "الكيف" على صدر
رحب، بل وقد يتغنوا بأغنية العملاق محمود عبد العزيز "آه يا قفا"
والأغرب أنهم لا يشعرون ولا يدرون بأنهم هم وحدهم من تلقوا "القفا"!!