أثار حوض "شياوميشا سي وورلد" في الصين جدلاً واسعاً بعد الكشف عن "سمكة قرش" عملاقة مزورة تسببت في موجة غضب وانتقادات بين الزوار. بعد خمس سنوات من الإغلاق لإجراء التجديدات، كان الزوار متحمسين لزيارة الحوض الجديد، الذي تم الترويج له بعناية على أنه يحتوي على أكبر سمكة قرش في العالم. لكن بدلاً من رؤية سمكة قرش حقيقية، فوجئ الزوار بوجود روبوت ميكانيكي صُمم على شكل سمكة قرش.
خيبة أمل الزوار
الزوار الذين دفعوا ما يعادل 21 دولارًا أمريكيًا لتذاكر الدخول كانوا ينتظرون تجربة مميزة وفريدة من نوعها. لكن سرعان ما اكتشف البعض أن السمكة العملاقة لم تكن حقيقية. الصور التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت تفاصيل هيكل الروبوت بشكل واضح، بما في ذلك الطبقات والأجزاء المكشوفة، مما زاد من حدة الغضب.
انتشرت الصور بسرعة، وتدفق الزوار إلى المنصات الرقمية للتعبير عن استيائهم. كما طالب الكثيرون باسترداد أموالهم متهمين إدارة الحوض بالخداع وعدم الشفافية فيما يتعلق بما سيشاهدونه.
رد إدارة الحوض
في مواجهة الانتقادات، قدمت إدارة "شياوميشا سي وورلد" تفسيرًا مفاده أن استخدام روبوت القرش كان ضرورياً بسبب القوانين الصينية التي تمنع صيد أسماك القرش الحوتية أو الاحتفاظ بها في الأسر، إذ تعد هذه الأسماك من الأنواع المهددة بالانقراض. منذ عام 2019، فرضت الحكومة الصينية حظراً على صيد أسماك القرش الحوتية وقطع زعانفها، مما أجبر المنشآت الترفيهية مثل الأحواض المائية على البحث عن بدائل.
وأكدت الإدارة أن الروبوت المصمم يحاكي سمكة قرش حقيقية بشكل دقيق، ويهدف إلى تقديم تجربة واقعية للزوار دون انتهاك القوانين البيئية وحماية الحياة البحرية. وقد تم تطوير هذا الروبوت في مدينة شنيانغ، ويبلغ طوله خمسة أمتار ويزن حوالي 350 كيلوجراماً. يتم التحكم في حركته عن بعد، ويستطيع السباحة بسرعة تصل إلى 0.7 متر في الثانية، ويغوص حتى عمق 20 مترًا.
تفاصيل التقنية والمفهوم
وفقًا لما ذكرته القناة المحلية الصينية "سي جي تي إن"، فإن الهدف الأساسي من استخدام هذا الروبوت كان محاكاة سمكة القرش الحوتيةلضمان تجربة واقعية للزوار قدر الإمكان. وتمت الإشارة إلى أن التقنيات الحديثة تتيح لمحاكاة الحيوانات البحرية بشكل قريب من الواقع دون الحاجة لإيذاء الأنواع المهددة بالانقراض.
تُعد سمكة القرش الحوت من أضخم أنواع الأسماك في العالم، وقد يصل طولها إلى 18 مترًا. ورغم ضخامتها، فإنها تتميز بسلوكها السلمي، مما يجعلها إحدى أبرز عوامل الجذب في الأحواض البحرية حول العالم. ومع ذلك، فإن استخدام التكنولوجيا لمحاكاة هذه المخلوقات يثير الجدل حول ما إذا كانت التجربة الحقيقية يمكن أن تحل محل البدائل الميكانيكية.
تجارب سابقة للمنشآت الترفيهية
لم تكن حادثة "سمكة القرش المزورة" الأولى من نوعها التي تثير الجدل في الصين. ففي عام 2019، شهدت حديقة حيوانات في مقاطعة جيانغسو حادثة مشابهة عندما تم طلاء كلاب لتبدو مثل الباندا العملاقة، مما أدى إلى موجة استياء وغضب من قبل الجمهور والمنظمات المعنية برعاية الحيوان.
وفي حادثة أخرى، أثارت حديقة حيوانات القاهرة عام 2018 جدلاً واسعًا بعد اتهامها باستخدام حمار تم طلاؤه بالأبيض والأسود ليبدو كأنه حمار وحشي. ورغم نفي إدارة الحديقة لتلك الادعاءات، إلا أن الصور التي التقطها الزوار أثارت شكوكا واسعة.
الأثر البيئي والأخلاقي
تثير هذه الحوادث تساؤلات حول الأخلاقيات في التعامل مع الجمهور في المنشآت الترفيهية. فبينما تبرر إدارة حوض "شياوميشا سي وورلد" قرارها باستخدام روبوت ميكانيكي بمسألة حماية الأنواع المهددة مثل أسماك القرش الحوتية، إلا أن الجمهور قد يشعر بالخداع عندما لا يحصل على ما وعد به، حتى لو كان الهدف نبيلاً.
علاوة على ذلك، يفتح هذا النقاش الباب أمام التساؤل عن مدى فعالية الحلول التكنولوجية في تلبية رغبة الجمهور برؤية الكائنات الحية الحقيقية، وما إذا كانت هذه الحلول تتعارض مع توقعات الزوار الذين يسعون لتجربة واقعية في المقام الأول.
تعد واقعة "سمكة القرش المزورة" في حوض "شياوميشا سي وورلد" مثالاً على التحديات التي تواجه المنشآت الترفيهية في تحقيق التوازن بين تقديم تجربة جذابة للزوار وبين الالتزام بحماية البيئة والكائنات المهددة بالانقراض. وبينما تسعى التكنولوجيا إلى تقديم بدائل مبتكرة، تظل التوقعات العالية لدى الجمهور وتطلعاتهم إلى الواقعية أحد أكبر التحديات التي يجب التعامل معها بحذر لضمان تحقيق رضا الزوار وحماية الحياة البحرية في آنٍ واحد.
إرسال تعليق