كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في العالم، هي الحلم الذي يراود الملايين من الشباب حول العالم. ولكن بالنسبة لخمسة شباب سوريين يعيشون في مخيم الزعتري في الأردن، كرة القدم لم تكن مجرد حلم بعيد، بل تحولت إلى تجربة غيرت حياتهم بالكامل. تم توثيق رحلتهم في سلسلة وثائقية بعنوان "الحلم"، التي سلطت الضوء على قصة هؤلاء الشباب وكيف نقلتهم الكرة من ساحات المخيم إلى ملاعب كرة القدم في البرازيل.
بداية الحلم
المسلسل الوثائقي "الحلم" بدأ بمبادرة من المنتج الأردني هاشم صباغ، الذي اقترح استقطاب شباب من مخيم الزعتري وتجربة مهاراتهم في كرة القدم في البرازيل. وكان الهدف من هذه التجربة ليس فقط اكتشاف المواهب، بل البحث عن الشباب الذين يمتلكون القدرة على تطوير مهاراتهم وتحدي الظروف التي يعيشونها. شارك أكثر من 200 شاب في تجارب الأداء، ليتم اختيار خمسة منهم لخوض هذه المغامرة. هؤلاء الشباب هم: حافظ، قيس، عمر، أحمد، ومصطفى.
المخرج الأردني باسل غندور، الذي تولى إخراج المسلسل، يقول: "الفكرة بدأت من هاشم صباغ. ما لفت انتباهي هو براءة الشباب وشغفهم للعب كرة القدم، بالإضافة إلى صداقتهم القوية. كان لدي تساؤل كبير حول ما إذا كانوا سينجحون في النهاية أم لا، ولكن أدركت أن القصة ليست فقط عن النجاح، بل عن الرحلة نفسها".
توثيق الرحلة
يحكي المسلسل عن الصعوبات والتحديات التي واجهها هؤلاء الشباب أثناء رحلتهم من المخيم إلى البرازيل. فأن يترك شاب صغير بيئته التي اعتاد عليها ويذهب إلى بلد جديد ليس بالأمر السهل. كانت مشاعر الحنين إلى الوطن والعائلة مختلطة، ولكنهم وجدوا في بعضهم البعض الدعم والقوة للمضي قدماً.
حسين فخري، المنتج المنفذ في استوديوهات كاتارا، وهي الجهة المنتجة للمسلسل، يؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه كرة القدم في خلق تأثير إيجابي بين الشباب، ويقول: "كرة القدم يمكن أن تكون وسيلة قوية لإحداث تغيير، وهذا المسلسل يبرز كيف يمكن لشباب يعيشون في مناطق نزاع أن يحلموا ويحققوا أحلامهم".
تحديات إنتاج المسلسل
عملية تصوير المسلسل لم تكن سهلة، فقد بدأت في بداية جائحة كورونا، مما أدى إلى العديد من التحديات في السفر والتصوير. كان من الصعب على فريق العمل توثيق كل اللحظات المهمة في حياة الشباب، خاصةً في بلد جديد مثل البرازيل. ولكن بحسب غندور، أهم تحدي واجهه الفريق هو كيف يمكن تصوير الشباب بدون أن يشعروا بالخوف أو التوتر من الكاميرا، وهو ما تجاوزه الفريق بفضل العلاقة القوية التي تطورت بينهم.
أحد الجوانب التي جعلت المسلسل مميزًا هو التركيز على الأمل بدلاً من المعاناة. يقول غندور: "الكثيرون قالوا إنه كان علينا التركيز أكثر على المعاناة والصعوبات، لكننا قررنا التركيز على الأمل والحماس. هذا المسلسل يبعث رسالة مهمة وهي أن لكل شخص الحق في الحلم والسعي لتحقيقه".
تأثير المسلسل على الشباب
عُرض المسلسل لأول مرة في المخيم أمام عائلات الشباب، الذين لم يتمكنوا من مغالبة دموعهم وهم يشاهدون رحلتهم على الشاشة. كما عرض المسلسل في أمسية خاصة في قطر، بحضور الشباب الخمسة أنفسهم. كانت لحظة مؤثرة للجميع، خاصةً عندما شاهد الشباب صور عائلاتهم على الشاشة.
قصة هؤلاء الشباب الخمسة ليست مجرد قصة عن كرة القدم، بل هي قصة عن الأمل والصمود. إنها توضح كيف يمكن للحلم، مهما كان بسيطًا أو بعيد المنال، أن يكون دافعًا قويًا للتغيير والإلهام. مسلسل "الحلم" يعكس قدرة الشباب على تحدي الصعوبات والسعي لتحقيق أحلامهم، حتى في أصعب الظروف.
إرسال تعليق