في سابقة قانونية فريدة من نوعها في بكين، سيدة صينية تُدعى "لي ييهان" أمضت 700 يوم في دراسة القانون بعد وفاة كلبها الأليف بسبب التسمم. على أمل أن تتمكن من معاقبة الجاني الذي تسبب في وفاة كلبها، تسعى لي الآن إلى تحقيق العدالة في قضية نادرة حول تسميم الحيوانات الأليفة في الصين.
حادثة مأساوية وقضية غير مسبوقة
في 14 سبتمبر 2022، تعرض "بابي"، الكلب الأليف الذي كان يبلغ من العمر 13 عامًا، للتسمم ضمن عدد من الكلاب والقطط الأخرى في العاصمة الصينية بكين. وأفادت لي ييهان أن بابي عانى لساعات طويلة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو ما دفعها لاتخاذ قرار غير معتاد بالبحث عن العدالة من خلال القانون.
ما يجعل هذه القضية مميزة هو أن الصين لا تملك حتى الآن قوانين واضحة ومخصصة لحماية الحيوانات الأليفة. في الماضي، كانت العقوبات التي تواجه الجناة في مثل هذه القضايا تقتصر على الغرامات المالية أو الحجز الإداري القصير، ما دفع لي ييهان للعمل بجد لتغيير الوضع القانوني المحيط بحماية الحيوانات الأليفة في الصين.
المشتبه به والدافع وراء الجريمة
بعد التحقيق، توصلت الشرطة إلى أن رجلاً مسنًا يبلغ من العمر 65 عامًا يُدعى "تشانغ" هو المسؤول عن تسميم الكلاب. قام تشانغ بنثر دجاج مملوء بسم الفئران في ملعب للأطفال، وأوضح أنه فعل ذلك انتقامًا من الكلاب التي تبولت على دراجته ثلاثية العجلات. الحادثة أثارت غضبًا واسعًا بين محبي الحيوانات وأصحابها، خاصة وأن هذه ليست الحالة الأولى التي تشهدها الصين فيما يتعلق بتسميم الحيوانات الأليفة.
نضال لي ييهان في ساحة القانون
لم يكن التسمم مجرد حادث عابر بالنسبة لـ لي، بل مثّل فقدانًا عميقًا لعائلتها، فقررت أن تترك وظيفتها وتكرس وقتها لدراسة القانون. بدأت بقراءة الكتب القانونية والعمل جنبًا إلى جنب مع المحامين المتخصصين لجمع الأدلة وتقديم القضية إلى المحكمة. بفضل جهودها الحثيثة، تمكنت لي من تسليط الضوء على القضية وجذب اهتمام واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بلغ عدد متابعيها أكثر من 55 ألف شخص.
رفعت لي دعوى قضائية ضد تشانغ في فبراير الماضي، طالبة تعويضًا عن الأضرار العاطفية والنفقات الطبية التي تكبدتها خلال محاولة إنقاذ كلبها. ومع ذلك، تواجه لي تحديات كبيرة في تقييم القيمة القانونية للحيوانات الأليفة، وهو ما أدى إلى تأخير القضية.
العدالة في انتظار الحكم النهائي
في الصين، إذا تجاوزت الأضرار الناتجة عن التسميم مبلغ 200 ألف يوان، يمكن للجاني أن يواجه السجن مدى الحياة. ومع ذلك، نظرًا لصعوبة تقييم قيمة الحيوانات الأليفة في القانون، استمرت المحاكمة لأكثر من عامين دون الوصول إلى حكم نهائي. الموعد المحدد لإصدار الحكم في القضية تم تأجيله إلى 17 ديسمبر المقبل، وتظل لي ييهان وأسَر الحيوانات الأخرى المتضررة في حالة انتظار وترقب.
ورغم هذا الانتظار الطويل، أعربت لي عن استعدادها لمواصلة معركتها القانونية، حتى لو لم تكن راضية عن الحكم النهائي. وفي حديثها مع وكالة Youth36kr، أكدت لي أنها ستستأنف الحكم إذا لم تتم معاقبة تشانغ بالشكل الذي تراه مناسبًا. قالت: "إذا حصل تشانغ على حكم بالسجن لأربع سنوات على الأقل، فسيكون ذلك انتصارًا كبيرًا".
آمال بتغيير القانون وتوعية الآخرين
تأمل لي أن يكون نضالها الشخصي مصدر إلهام لأصحاب الحيوانات الأليفة الآخرين للدفاع عن حقوق حيواناتهم. ترى أن قيمة الحيوانات الأليفة لا يمكن قياسها بالمال، وهي تسعى لتحقيق تغيير حقيقي في القانون الصيني فيما يخص حماية الحيوانات الأليفة من الجرائم الوحشية.
كما تأمل لي في أن تُفتح هذه القضية الباب أمام إنشاء قوانين أكثر صرامة لحماية الحيوانات الأليفة، حيث لا تزال الحيوانات في الصين عرضة لسوء المعاملة والتسميم بسبب غياب التشريعات القوية.
قصة لي ييهان تمثل قصة نضال فريدة، ليس فقط من أجل كلبها، ولكن أيضًا من أجل تغيير القانون وتحقيق العدالة للحيوانات الأليفة في الصين. جهودها التي استمرت لعامين تسلط الضوء على أهمية وجود قوانين واضحة تحمي حقوق الحيوانات، وتفتح الطريق أمام مجتمع أكثر وعيًا ومسؤولية في التعامل مع حقوق الكائنات الحية.
إرسال تعليق