وسط بحر من القصص الغريبة حول السفر عبر الزمن، تبرز قصة غامضة ومحيرة لرجل يُدعى يفغيني غايدوتشوك، الذي ادعى أنه أتى من القرن الثالث والعشرين إلى الاتحاد السوفيتي في عشرينيات القرن الماضي.
وبحسب الرواية، وصل يفغيني إلى حقبة لم يكن له أي انتماء فعلي إليها، والتقى بشخصيات معروفة، وتحدث عن تقنيات سفر زمني لم نسمع بها من قبل، مما جعل قصته أحد الألغاز المثيرة.
بداية القصة: وصول الفتى من المستقب
بدأت القصة عند هبوط يفغيني غايدوتشوك في نواحي مدينة جيرنوفسك، بمنطقة فولغوغراد في روسيا، عندما كان مجرد صبي بعمر 14 عامًا. ظهوره في تلك الحقبة كان محيرًا، حيث بدا تائهًا وغير مدركٍ للعالم المحيط به، وكأن الزمن قد اختطفه من مكانه الأصلي. وقد تبنته عائلة محلية وسمّته يفغيني غايدوتشوك، وبدأ يتأقلم ببطء مع هذا الزمن.
لاحقًا، انتقل يفغيني إلى لينينغراد للدراسة وعمل في دار الكتب، حيث أصبح أمين مكتبة. وعلى مر السنين، بدأ بالتفاعل مع الأدباء والمفكرين في الاتحاد السوفيتي، وعُرف عنه ولعه بالأدب واهتمامه الكبير بقضايا الفلسفة والعلوم، حتى أنه ذكر أنه التقى هربرت جورج ويلز، كاتب رواية "آلة الزمن"، التي تعتبر من أبرز الأعمال الخيالية عن السفر عبر الزمن، وهو ما أثار فضولًا إضافيًا حول قصته.
سر السفر عبر الزمن: كيف أتى من القرن 23؟
بحسب رواية يفغيني، كان السفر عبر الزمن في القرن الثالث والعشرين أمرًا ممكنًا، لكنه لم يكن شائعًا للعامة، حيث كانت تقتصر هذه التقنية على العلماء فقط. مع ذلك، كانت فكرة السفر عبر الزمن تسيطر على ذهنه كفتى، وبحسب القصة، أتيحت له فرصة السفر إلى الماضي، وقرر أن يخوض المغامرة مع صديقته، رغم عدم معرفتهما الكاملة بآلية التحكم في الآلة.
ذكر يفغيني أن آلة الزمن كانت تعمل ببساطة؛ كل ما على الشخص فعله هو اختيار التاريخ الذي يرغب في زيارته، وستنقله الآلة فورًا إلى هذا الزمان المحدد. ولكن خلال الرحلة، وقع خطأ غير متوقع. فقد تسبب سوء استخدام الآلة أو خطأ في تحديد الإحداثيات بهبوطهما في زمن مختلف تمامًا عن وجهتهما الأصلية، حيث انتهى بهما المطاف في عام 1930 بدلاً من العودة إلى الوقت المحدد.
الحادثة والتحديات: الهبوط القسري وآلة الزمن المعطلة
كان الهبوط في عام 1930 عنيفًا، مما أدى إلى تعرض آلة الزمن لأضرار جسيمة. أفاد يفغيني بأن رأسه تعرض لإصابة شديدة، بينما كانت صديقته، التي سافرت معه، في حالة جيدة دون إصابات. بعد هذا الحادث، أصيب الاثنان بالرعب وأدركا أنهما قد لا يتمكنان من العودة إلى المستقبل كما خططا.
وفي ظل تعطل آلة الزمن، اتخذ يفغيني قرارًا صعبًا، حيث رأى أن صديقته يجب أن تعود إلى القرن الثالث والعشرين باستخدام الآلة بينما يبقى هو في هذا الزمن الغريب بالنسبة له، على أمل أن يُرسَل من ينقذه لاحقًا. وكان هذا القرار نقطة التحول في حياته، حيث وجد نفسه وحيدًا في زمن مختلف تمامًا عن زمنه الأصلي، وبدأ بتأقلم مع الواقع الجديد.
لقاءاته مع الكتاب والشخصيات السوفيتية: صدفة أم قَدَر؟
أثناء إقامته في الاتحاد السوفيتي، حظي يفغيني بفرصة للتعرف على بعض الشخصيات الأدبية البارزة، مثل ميخائيل بولغاكوف، الذي يُعد من أشهر الأدباء السوفييت، مما أضاف إلى القصة بعدًا غريبًا آخر، كما أُشيع أنه تواجد في مناسبات ثقافية وتحدث عن أفكار من المستقبل، وهو ما أثار دهشة من حوله.
وأحد أكثر اللقاءات إثارة كان لقاؤه مع هربرت جورج ويلز، الكاتب البريطاني المعروف، الذي زار الاتحاد السوفيتي والتقى بأدباء ومفكرين. أثار هذا اللقاء تساؤلات حول مصدر الإلهام لرواية ويلز "آلة الزمن"، وتكهن البعض بأن ويلز قد استلهم بعض أفكاره عن السفر عبر الزمن من هذا اللقاء المزعوم مع يفغيني.
حياة يفغيني غايدوتشوك في الاتحاد السوفيتي ونهايته الغامضة
قضى يفغيني بقية حياته في الاتحاد السوفيتي، حيث عاش كشخص عادي، واندثر حلمه في العودة إلى القرن الثالث والعشرين. ويُقال إنه حاول مرارًا التواصل مع العلماء أو الحكومة، لطلب المساعدة في إصلاح آلة الزمن، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
توفي يفغيني غايدوتشوك في سنوات لاحقة، وتم دفنه كأي مواطن سوفيتي عادي، لتنتهي قصته على نحو غامض ودون أي دلائل تؤكد صدق روايته. لم يُعثر على أي أثر لآلة الزمن التي جاء بها، ولا أي إثبات علمي يؤكد أنه كان مسافرًا عبر الزمن. وهكذا، بقيت قصته في ذاكرة الناس كواحدة من أكثر الحكايات إثارة للجدل حول السفر عبر الزمن.
هل كان يفغيني غايدوتشوك حقًا مسافرًا عبر الزمن؟
تظل قصة يفغيني غايدوتشوك واحدة من أغرب القصص التي تناولت فكرة السفر عبر الزمن، حيث تداخلت فيها عناصر الخيال والواقع بشكل محير. ورغم عدم وجود أدلة علمية تثبت صدق روايته، فإن القصة أثارت خيال الكثيرين وأصبحت جزءًا من الثقافة الشعبية حول العالم.
قد تكون قصة يفغيني مجرد أسطورة تروى للتسلية، أو ربما حقيقة مذهلة لم يُدركها الناس بعد. وفي كل الأحوال، تظل القصة تذكيرًا بشغف البشر المستمر لاستكشاف أسرار الزمن وألغاز الكون التي قد تحمل في طياتها مفاجآت لا تخطر على بال.
إرسال تعليق