الحرية الشخصية حق شرعي لكل فرد، كفلته جميع الأديان والدساتير، لا يمس بالتعدي عليه، ويعد انتهاكه جريمة يعاقب عليها القانون، في الدنيا والآخرة بما جاء في القرآن الكريم من نهي ووعيد عن انتهاك حقوق الآخرين، والأمر بستر المسلم لـ أخاه المسلم لو وقع على أمر من حياته كما جاء في قوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثير من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}.
جرائم أشبه بـ سم الثعبان
ومع انتشار
التكنولوجيا ووسائل الإنترنت المختلفة، انتشرت جرائم أشبه بـ "سم
الثعبان"، وانتشرت معه حالات القتل والانتحار، نري شخصا رمى بنفسه من أعلى
قمم القاهرة، ونري من جانب آخر فتاة تقتل نفسها بالسم خوفًا من أمر ما، ونشاهد
معلمه تفصل من عملها وتطلق وتهاجم، على من نحاسب ومن ندشن عليه الحرب المجني عليه
أم من يرانا دون أن نراه المتخفي وراء شاشات التواصل الاجتماعي، من يتمثل في صورة
بشر ولكنه أشبه بالشيطان الأعظم.
التعدي على الخصوصية.. وواقعة معلمة المنصورة
جميعًا
نعرف قصة المعلمة آية يوسف ترقص خلال إحدى الرحلات النيلية مع عدد من زملائها
المدرسين، حيث قام أحد الأشخاص متخفيا بتصوريها ونشر مقاطع الفيديو عبر وسائل
التواصل الاجتماعي، مما آثار غضب الكثير وهجوم فريق كبير عليها من الأشخاص على
السوشيال ميديا، وتمت احالتها للتحقيق ومعها بعض المدرسين ممن ظهروا خلال الفيديو
الذي كان سببا في وقفها عن العمل وطلاقها من زوجها.
وبغض
النظر عما ارتكبته لكنها عبرت عن استيائها لما حدث لها، وإنها كانت تفكر في
الانتحار بعد الهجوم الذي تعرضت له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأضافت أن الرحلة
كانت عائلية وكان معها أبنائها الثلاثة وزملائها، ولم تكن تعلم أن شخص ما يقوم
بتصويرها، ووصفته بـ "المريض النفسي" لما سببه من مشاكل كثيرة في منزلها
ومع عائلتها.
التعدي على الخصوصية.. وواقعة فتاة الغربية
ضحية
أخرى من ضحايا التعدي على الخصوصية لكن تلك الضحية هي فتاة عمرها 17 عامًا اسمها
بسنت خالد التي سميت قضيتها باسم "ضحية الابتزاز"، وهي فتاة انتحرت
بابتلاع السم لكي تنهي حياتها بسبب الابتزاز العاطفي وفبركة صور لها.
ودخلت
بسنت في حالة من الاكتئاب الشديد، بسبب عدم تحملها حديث الناس عنها من أهل قريتها،
وفشلت في إقناع أهلها بأنها لسيت صاحبة الصورة، وقبل أن تقدم علي الانتحار تركت
لوالدتها رسالة أخيرة بما تحمله من ألم وحزن لحق بها: "يا ماما ياريت تفهميني
مش انا البنت اللي في الصورة دي".
التعدي على الخصوصية.. وواقعة فتاة التجمع
هي
فتاة اوكرانية الجنسية تم التعدي عليها وتصويرها في البلكونة الخاصة بها شبه عارية
بمنطقة التجمع الخامس بتلسكوب من على بعد، وتم نشر هذه الصور والفيديوهات عبر
مواقع التواصل الاجتماعي بهدف الشهرة واعتلاء التريند.
وقامت
أجهزة الأمن فور إبلاغها بالتحري والقبض عليها، واتهمت الفتاة بعدة تهم منها
التحريض على الفسق والفجور، لكن الفتاة أكدت أنها لم تعلم أن مثل هذه الأفعال
محرمة في مصر وتفعل ذلك في أوكرانيا بشكل طبيعي دون أي تعدي من الآخرين.
أزمة متزايدة ومتعاقبة!
بغض
النظر عن سلوك المعلمة الخاطئ بالطبع والذي لا يتماشى مع قيمنا ومعتقداتنا، أو
واقعة الفتاة الأوكرانية التي تمارس فعل قد لا يتناسب مع مجتمعنا وتقاليدنا، لكن
يبقى العامل الوحيد المشترك في كل هذه الوقائع هو "التعدي على
الخصوصية"، ومن المتوقع أن تحدث الكثير من الوقائع الأخرى.
وديننا
الحنيف حرم ذلك الأمر حيث يقول الله تعالى وهو يأمر عباده: "ولا
تتجسسوا".
التعدي
على الخصوصية وأزمة الابتزاز عبر الإنترنت أصبحت متزايدة ومتعاقبة، ولابد أن نقف
جميعا في مواجهته.