السقوط لأعلى!

  

السقوط لأعلى
السقوط لأعلى

تذكرت هذا المشهد بالتحديد وأنا أشرب قهوتي، طعمها المرير ذكرني بهذه الأيام، تذكرت رائحة البخار الذي تلاشى مثل هذه الفترة من حياتي وجعلني شخًصا آخر تمامًا.

توقفت قليلاً عند إحدى محلات المجوهرات، أتامل كم هي ثمينة وقيمة، لكن لا يوجد الكثير من المشتريين، تعجبت وتذكرت ما صارت عليه مواضيعي الآن، فالأشياء الثمينة بحق لا يتهافت عليها الآخرون.

بعدما عدت لرشدي، وقمت بعمل إحلال وتغيير لصحيفتي وأجريت تغييرًا شاملاً، من مواضيع وسياسة نشر، وطريقة عمل، لكن يا سيادة تخيلوا لاحظت شيئًا غريبًا للغاية كنا في السابق نتعب بدرجة اقل ونكسب كثيرًا، والآن نعمل أكثر ونكسب قليلاً.


لعل من ينظر لحالي يشفق علي، لكن في الحقيقة أنا من يشفق عليهم جميعًا، لقد انتبهت لحالي وافقت من غفوتي، فالنجاح الذي يراه غيري في المشاهدات، أو الأموال والجوائز الرنانة والألقاب أشياء قد يغريك شكلها لكنها تخدعك لتكتشف أنك لم تحصل على شيئًا، فأنا رأيت مؤخرًا أن النجاح الحقيقي هو ما تتركه من تأثير حتى ولو كان في عدد قليل.

 

كـ "بالونة" تطير في السماء عالية يراها الناس لبرهة ويظنون أنها في القمة، لكنها بعد وقت قليل تختفي دون أي أثر، وكأنها لم تطير في الأساس، عكس بذرة صغيرة في حجمها كبيرة في أثرها، قد ترميها من أعلى أرضًا، لكنها مع الوقت قد تطرح  زرعًا وثمارًا..

في هذه الحالة أحسست بجمال وروعة السقوط وتيقنت أن ليس كل سقوط سقوطًا فهناك سقوط من شدة روعته قد يدفعك ويصعد بك لأعلى


وأنا أقف أمام محل المجوهرات رغم أن الكثير ينظر لي باعتباري مهزومًا وخاسرًا علمت إنني انتصرت، فأنا فزت بشيء ثمينًا لم يفهمه أحد إلا القليل، مثل الذين يترددون لهذا المحل، وأنا لازال أتأمله وعيني تملؤها الحماس والشغف والدهشة!

أحدث أقدم