الوسطية في الإسلام.. بين التعايش والانسلاخ

الإعتدال الديني

الوسطية في الإسلام


 
عادة ما يحترم الناس الشخص ذو المبدأ، و الذي لا يغيره أبدا تملقا أو مجاملة لأحد من التعاملات الشخصية و العامة في المجتمع، فيما تسقط قيمة الآخر الذي يغير مواقفه باستمرار إرضاءا لغيره، ينعكس هذا أيضا على الأديان فمبدأيا يحق لأي شخص مزاولة شعائر دينهم بحرية إن لم تتضمن اعتداءا على البقية، و في المقابل يحترم الآخر هذه الشعائر و يقف على الأقل موقف الحياد منها.

استنادا لهذا، كيف يمكن ضبط سلوك وسطي صحيح للمسلم أثناء الاحتفال بأعياد الميلاد، ينتهج المسلمون عادة ثلاثة مناهج خلال هذا الحدث في مصر و العالم:


1- منهج المشاركة


- يذهب قسم كبير من المسلمين غالبهم من المشاهير في الوسط الفني و الإعلامي أو على مواقع التواصل الاجتماعي، لإقامة الاحتفالات، و تعليق الزينة و شجرة الميلاد تبعا للتيار من منعرج التقليد و التباهي، تحت زي التحضر، مع مشاهدة الألعاب و التقاط الصور و غيرها في الساحات العامة و الفنادق، و حجتهم في ذلك عدم ولوج الكنائس، لكن معارضيهم يضحدون هذا الرأي بكون استشعار شعائر لدين آخر هي بمثابة انسلاخ من العقيدة الواحدة "تهجين".


2- منهج الوسطية


- ينتهج فيه القسم الثاني من المسلمين نهج وسطي بمبدأ لا ضرر و لا ضرار، حيث لا يثوانون عن تقديم التهاني لغيرهم بأعيادهم، دون المشاركة فيها في جو سمح، يسوده الاحترام و هذا ما دعمه الأزهر الشريف في فتواه مستندا للآية الكريمة :"  "لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ»، وقال أيضا في سورة البقرة: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"


3- المنهج الإقصائي


ينتهج فيه بعض المسلمين موقفا عدائيا من احتفالات غير المسلمين،  و يكون بمقاطعة شخصية أو جماعية ، أو تخندق حزبي أو جمعوي، أو حملات تشهير قد تذهب إلى حد تخريب الممتلكات أو اعتداءات مباشرة، محدثين بذلك تغرة اجتماعية، يعبر من خلالها أدعياء الفتن و الانشقاقات، و هذا ما ينكره الدين الإسلامي بتعاليمه الحاثة على الرفق بالناس.


بين هذا و ذاك تبقي وسطية الإنسان ذو المبدأ محط احترام الجميع، وضمان لاستمرارية الأمن والوجود..

أحدث أقدم