كتبت - آية يسري
قبل البدء في قراءة هذا المقال اتمنى ان تجيب أولا ماذا عن ظهور فتوى دينية لأحد الشيوخ هل ستقوم بتنفيذها لانك تخشى من الوقوع في إثم أو معصية ؟
أم ستنتبه اولا من هو مفتي هذه الفتوى وما المؤسسة التي يتبعها ؟
وان كانت اجابتك احدى هاتين الإجابتين عزيزي القارئ فنحن في ورطه كبيره فا لتأتي معي في جولة ترتيب افكار، واحذرك من بدء تلك الجولة دون أن تكملها حتى النهاية فاظن هناك مراوغة عقلية إذا لم نكملها معا سنصل لطريق لا يقل خطورة عن الان، وان كنت مستعد لننتقل النقطة الاولي :
في البداية يجب علينا معرفة المعنى اللغوي لكلمة فتوي دينيه داخل قواميس اللغة
الفتوى: الجواب عما يشكل من المسائل الشرعية أَو القانونية
(معجم الوسيط )
مفتي :ما أفتى به العالم وأجاب عنه(قاموس الرائد)
عالم بامور الدين و العلم : عارف بهما (معجم الغني )
نقف هنا قليلا لنستخلص جزء هام
و هو ان الفتوى عبارة عن (اجابه - تفسير) عالم لشيء ما داخل تخصصه
النقطة التالية التي يجب أن نركز عليهم هم العلماء :
لنبتعد قليلا عن علماء الدين و نلقي نظرة عامة على العلماء في تخصصات أخرى فنجد اينشتاين فى الفيزياء و روبرت داروين في التاريخ الطبيعي والجيولوجي مثلا و غيرهم من العلماء الذي لا يمكن إنكار سلسلة نجاحاتها العلمية في تخصصاتهم
والسؤال هل هم لم يخطئوا ابدا ؟
اظنك وجدت الاجابه أمامك دون جهد منك وهذا ليس تقليل منهم ابدا و لكن لأنهم بشر فيصيبون احيانا و يخطئوا احيانا اخري
فنجد إنكار عالم الفيزياء أينشتاين وجود للثقوب السوداء
خطأ لم يتوقع أن يقع فيه عالم كبير مثله فلها كتلة كبيرة الحجم وكان من السهل جدا معرفة وجودها ورغم ذلك انكرها و هذة سقطه كبيره تحسب عليه
و روبرت : كان مقتنع ان الانسان لم يكن هكذا في البداية و هذه مرحلة من مراحل التطور التي تحدث له عبر الزمان و كان يحاول اثبات ذالك بكثير من الأدلة وقت طويل و مان عقله غير قادر علي رؤيه اي منظور أو تفسير آخر لهذه الأدلة غير تلك النظرية الخاصة به
و غيرها من السقطات و سوء الفهم و التفسير او الغفلات لهم و لغيرهم من العلماء الذي كانوا محل ثقه و لكن العالم في النهاية شخص متعمق في دراسة مهما زاد علمه وكثرة أبحاثه فهو يحاول الاجتهاد للوصول لتفسير وتحليل الظواهر ما لكن لا يعني اطلاقا كونه عالم ان تصح تلك التفسيرات
و نستخلص من تلك الفقرة التي ( يصيب العالم احيانا و يخطئ احيانا اخري ) و بهذه الجملة يمكننا الانتقال على النقطه التاليه
فتوى علماء الدين
لن يختلف الحديث كثير اذا طبقناه على علماء الدين و أصحاب الفتوى فهم يحاولون و يجتهدوا مهما زاد علمهم في تفسير و الفتوى الصحيحه لكن هل هذا يمنع وقوعهم في الخطأ ؟
اسمع عقلك عزيزي القارئ يقول لذلك سوف اتأكد من مصدر الفتوى التابعة لشخص او مؤسسة موثوقة ؟
الاجيبك حالا
الدكتور سعد الدين الهلالي الأستاذ بجامعة الأزهر :
أفتى بأن الراقصة إذا توفت وهي في طريقها لعملها فهي شهيدة، كما أفتى بأن شرب البيرة مباح استنادا لرأي الإمام أبو حنيفة طالما أنها لا تسكر وطالما أنها مصنوعة من الشعير وليس النبيذ كما أفتى بشرب الخمور
الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين: يحق المرأة العاملة في إرضاع زميلها في العمل منعا للخلوة المحرمة
منذ أيام قليلة أصدرت دار الإفتاء فتوى بضرب الزوجة ما دام في نطاق الحفاظ على البيت ثم اعتذرت عن تلك الفتوى و قالت اعتداء الزوج علي زوجته حرام شرعا، و فتوي معايدة الاخوه الاقباط و غيرها من الفتاوى.
وفى كبرى المؤسسات الدينية لن يختلف فيها الوضع كثير ف يعمل فيها مجموعة من العلماء و الذين هم في النهاية بشر يخطئون دون عمد أم يغويهم الشيطان للوصول لاهداف اخرى لا اعلمها انا ولا انت
اشعر بك عزيزي القارئ قلقا وتسال هل تطبق فتوى خاطئة عليك و وزرها ؟
الإجابة في الحديث الصحيح :
من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده (من غير أن ينقص من أجورهم شيء )، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده (من غير أن ينقص من أوزارهم شي )
أن ينقص من أوزارهم شيء : هي الإجابة التي تبحث عنها من غ و هذا يعني أنك يتحمل كامل المسؤولية في اتباعك لأي من الفتوي
فتجد عقلك يتساءل وماذا عن ايه "الأنبياء -7 "
قال الله تعالى ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )
وجاءت لها تفسير متعددة في أكثر من رواية
الروايه الاولي: كان لها الكثير من المؤيدين : اهل الكتب السابقة التوراة والإنجيل
الروايه الثانيه : أهل العلم
الرواية الثالثة : هم أهل القرآن
الروايه الرابعه : ان لما نزلت هذه الآية قال علي - رضي الله عنه - نحن أهل الذكر( أهل بيت الرسول )
أظنك عزيزي القارئ في النهاية تظن اننا ندعوك لعدم اللجوء إلى العلماء و لكن اذا وصل لك ذلك اظنك تريد ان تكمل المقال قبل بناء رائيك ولا تتسرع كما نبهتك في بداية المقال
هذه النقاط لا تعني أبدا إنك لا تسأل أهل الخبرة والتخصص في أمورك الحياتية عامة والدينية خاصة فهم اكثر منك خبرة و من الممكن ان يفيدوك اكثر من ما تتخيل
ولكن المفتي ليس الوسيط بينك و بين ربك ودينك
خلق الله لنا عقل وأمرنا في كثير من الآيات على أعماله فلا تتجاهله او تتهاون و تتكاسل في استخدامه في ما يتقدم لك من معلومات فبحث دائما عن الأدلة و البراهين في جميع النواحي بمنتهى الموضوعية و لا تجعل اهوائك تختار لك اتجاه واحد فقط للبحث و تغمض عينك
فعقلك قادر على السير في كل الاتجاهات لمعرفة الحقيقة كاملة
وقال الله في اياته "سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم الحق "
فلا تقلق وعدك الله عزه وجل بأن يتبين لك الحق
لكن عندما تريد ان تعرفها لن تأتي إليك على طبق من فضة فنحن في عصر فوضي الفتوي فيجب أن تحصن نفسك بأعمال عقلك
فندعو الله أن نكون من من قال الله تعالى عليهم
"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب "
ولان ما اجابتك ماذا ستفعل في حالة ظهور اي فتوي جديدة؟
وهل مازلت كل ما يهمك ان يكون المفتي مصدر ثقة أو مؤسسة موثوقة؟