لون حياتك بأشياء بسيطة...دمج المواهب كدمج الألوان مع شهيناز جميلي

 

خلال إحدى مسابقات "أمهر طباخ"، في إحدى مجموعات الفيسبوك لولاية عنابة في 2019، لفت انتباهي وانتباه الأعضاء، التنسيق الباهر لإحدى المشتركات، والتي لما أعلن عن فوزها تبين أنها تشترك معي في الميول الثقافي والأصول، فأصبحنا صديقتين على مواقع التواصل، متقاربتان في التخصص الجامعي كما تلهمني بعض الوصفات.

نشأت في بيئة مثقفة تقدر المواهب

 

شهيناز جميلي ذات الاثنان وعشرون ربيعا، هي طالبة أولى ماستر تخصص ميكروبيولوجيا، نشأت في بيئة مثقفة، تقدر المواهب وتقدس الإبداع، و هي ترى أن تخصيص لكل شيء وقته و التنظيم بين الدراسة و الهواية لن يؤثر على أي منهما.

تنظيم الوقت يجعل الهواية لا تؤثر على التخصص الدراسي و العكس

أب محترم وسلس مع البنات، أم مثقفة ودعامة في التربية والتعليم، قدوة والتي اكتشفت ميول شهيناز للرسم منذ سن الثالثة، حيث كانت ترسم هي الأخرى فوفرت بذلك لابنتها الأدوات اللازمة، واستطاعت القيام بتحليل بسيط لرسوماتها البسيطة، والتي رأت أنها كطفلة تعبر بهذه الرسومات عما يدور حولها في محيطها.

اللوحات تحكي أحداثا يمكن العودة لها لمعرفة تفاصيل الحياة في تلك الفترة

 

بعد تشجيعها من طرف والدتها واصلت شهيناز تلقي الدعم والتشجيع من طرف معلمي ومدير المرحلة الابتدائية، كما كانت تزين كراريس زملائها، ويطلب منها رسم لوحات لمشاريع المناسبات الوطنية والدينية، كالمولد النبوي الشريف وعيد الثورة التحريرية، وواصلت على هذا المنوال لحين بلوغها المرحلة الإعدادية وسن المراهقة، حيث كانت تشارك في مسابقات رسم وتلوين على مستوى المقاطعة، ثم استطاعت تحديد ميولها الفني في الرسم ألا وهو تصميم الأزياء

رسمة لشهيناز في عمر التسع سنوات

ثقافة تطابق التفاصيل

 

بدأت شهيناز بخط تصاميمها عفويا، ثم صقلت تدريجيا أولى عارضاتها بمقاييس ووضعيات مضبوطة، اعتمادا على بعض الكتب والأقراص المضغوطة.

تخطيط تدريجي للعارضة و تلبيسها 

 ثم لجأت إلى مجموعات الفيسبوك لتكتسب خبرة أكثر وتعرض رسوماتها في المسابقات المقامة هناك، حيث فازت أكثر من مرة بتصويت الأغلبية.

 

بعض تصاميم شهيناز

تنسيق الأطباق والطبخات كلوحات

 

الطبخ موروث ثقافي في عائلة شهيناز، حيث كان جدها وجد أمها يملكان مخبزة، وجمعت خالتها الراحلة منذ عشرون سنة وصفات مدروسة ومجربة لأرقى الحلويات كالمكارون وغيرهم، والتي لم تتداول لحد الساعة، فكانت هذه التركة بمثابة الكنز الثمين لهاته الشابة، التي تقدس كل ما هو تقليدي، وتحترم جهود وأتعاب الآخرين، قد لمحت تأثرا بالغا في عينيها عند لقاءنا وهي تروي امتنانها لهاته الخالة رغم أنها لم تعايشها.

لوحات ملونة بمقادير الطبخ 

عبر سبيل هاته الوصفات التي عثرت بدأت شهيناز في اقتحام المطبخ، و حسها الفني يدفعها لتنسيق جميل المقادير ثم الأطباق، حيث اعتبرت أن ألوان المكونات و البهارات توازي الألوان التي تستعملها في الرسم فاعتبرت الطبخة هي الأخرى لوحة فنية تلون و تزين و تحكي قصة، من هذا المنطلق قررت شهيناز التعرف على مطابخ العالم، ثم نقلها للناس في محيطها عبر عرض الطبخات، فيسافر الناس لهاته الدول عبر تذوق الأطباق، دون الحاجة للتنقل، كما أضافت أن فن الطبخ لا يعرض الثقافة فقط بل يثري الرصيد اللغوي مع كل طبخة، و يكسب كلمات جديدة من ذلك البلد، فأصبحت تلتقط صورا جميلة لطبخاتها مع تعريف بسيط يرافق اسمها. 

لوحات مطبخية بأطباق عالمية

توثيق شريط الحياة بتفاصيلها

 

ملهم شهيناز ونعلمها في فن التصوير هو أبوها، الذي كان يوثق كل اللحظات التي تعيشها العائلة، سواء في الأفراح أو الأقراح، فساعدها على التقاط تفاصيل حياتها، واقتناء أدوات تساعدها في تطوير موهبتها في المونتاج، ودمج الصور مع الإضاءة والتعديل لتظهر لتظهر بشكل جذاب، وهي ترى أن هذا الفن لا يعطى قيمته المناسبة في العالم العربي، ويمتهنه البعض الغير المحترفين، ولا يلقى الهواة الموهوبون تشجيعا ودعما كافيين.

توثيق اللحظات و المعالم كلوحات عبر فن التصوير

انتقاء الكلمات كانتقاء الألوان

اكتشفت شهيناز خلال تقديمها للبحوث المدرسية موهبتها أيضا في الإلقاء، ولوحظ عليها الدقة في الأداء والسلاسة في اختيار مفردات سهلة بلغة راقية، فشاركت في حملة تحسيسية عن مرض الايدز بثانوية محمد كلوفي، تشرح أهمية الوقاية من المرض وتعايش الحامل والمصاب، وشاركت مرة أخرى في جلسة عن تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية.

 

شهيناز مولعة بالمونتاج و متحدثة ماهرة

شاركت شهيناز في أولمبياد الشاب المتميز في ولاية عنابة، ثم انتقلت من المستوى الولائي إلى المستوى الوطني في الجزائر العاصمة حيث اختيرت من بين النخبة لأداء أداءًا باهرا باللغتين العربية والفرنسية.

يمكن مشاهدة جانب من آدائها على الرابط التالي:

https://youtube.com/shorts/5mo0w7eM5nM?feature=share

أشياء بسيطة يمكن أن تولد ابداع

لا ترى شاهيناز المادة عائقا كبيرا في حياة الموهوبين، توفرها مساعد لكن سوء استخدامها قد يقلب الأمور عكسيا، كما تدعو للاهتمام بالفن ودعم الفنانين في كل المجالات.

 

مزج المواهب في ركن واحد

لا ترى شاهينز أنه من الإنصاف في حق النفس أن يمتهن الإنسان مهنة واحدة، بل تطمح للعمل في تخصصها العلمي مع فتح ركن يجمع هواياتها، مع اختيار ماركة خاصة ترمز لمواهبها مجتمعة، آمله أن تترك بذلك بصمة في المجتمع.