كتبت- أميمة لخبيب
في ليلة مظلمة، الأمطار غزيرة، نامت الصغيرة ذات 6سنوات نوما عميقا كانت لا تحمل هما ولا تعبا، استيقظت صباح اليوم التالي، بدل أن تستيقظ بكلمة جميلة تليق بصغر سنها و براءتها، نهضت مسرعة تترقب صوت الصراخ الذي يأتي من غرفة أبويها كالعادة، خائفة، اصفر وجهها، تسارعت دقات قلبيها حين نظرت لأمها الملقاة على الأرض والدماء تملأ المكان،من يومها لم تعد طفلة، لم تعد صغيرة لا تعلم شيئا بل علمت الكثير، أصبحت لا تنام إلا بجوار أمها لحمايتها من أبيها، تذهب للمدرسة فتحصل على ما تريده من معدلات، أجل كانت ذات ذكاء خارق و إرادة قوية.
لم ينتهي بعد ألمها، ولا تفكيرها في ما جرى
وما يجري، تساؤلات بين جذران عقلها الصغير، لماذا؟ كيف؟ لكن لا تجد إجابة، تخاطب
نفسها دوما: لا بأس انتظري إلى أن تكبري فتحققين في كل ما تريدين معرفته..
مرت السنوات بنفس الظروف، أجل بالصراعات
والمعاناة نفسها، ها قد وصلت سن12 من عمرها، ازدادت قوة و جمالا، لا أوصاف تفي
برسم صورة لها، أصيبت بأمراض نفسية، لا تلعب مع صديقاتها ولا تبادلهن الحديث ،
تجلس لوحدها تفكر ما الذي أصاب طفولتها و إلي متى؟ كانت تظن أن كل ما فات كان صعبا
ولم يكن بحسبانها أن الأصعب لم يأتي بعد.
بلغت من العمر 16سنة، ماشاءالله الله قد
توفقت، أصبحت تلميذة بالثالثة إعدادي، على ما يبدو نسيت أن أخبركم شيئا مهما، بطلة
القصة ليست لها أخت، لديها إخوة ذكور فقط، اثنان أكبر منها سنا و الثالث تكبره
سنا، تحمل على عاتقها مسؤولية كبرى، تذهب للمدرسة بسرعة تدرس، جراء خروجها تأتي
زلى البيت مسرعة، تُعد الطعام لإخوتها و تنظف البيت، تلعب دور الأم و الأخت في
الآن ذاته، نظرا لعمل أمها الشاق الذي تزاوله هذه الأخيرة من الساعة 5.00 صباحا
إلى 18.00 مساءً.
تعبت الجميلة، المسكينة من كل هذا، لم تستمتع
بطفولتها أبدا، و ها هي الآن لا تعرف لمرحلة الشباب و المراهقة طعما، رغم علمها
بمعاملة والدها لها و قسوته عليها، ذهبت إليه:
إنني مريضة و أريد استشارة طبيب يشخص وضعي
الصحي...
رد قائلا: ليس لدي ما أنفعك به، ولست مجبورا
على مساعدتك.
تنهدت وكأنها كانت تعلم أن جوابها سيكون
قاسيا: لست ابنتك؟ من أكون إذا؟ أ وجدتني في أحد الشوارع أم ماذا؟
غضب و رفع صوته :اذ تنادي هبي من أمامي و إلا
لن أرحمك، لست أبا لك و لا ابنة لي...
حملت نفسها و اتجهت لغرفتها، اقفلت الباب و
بكت بكاء غير عادي أفقدها السيطرة على الأفكار الخبيثة التي تسللت إليها،صرخت و
مزقت كل ما بغرفتها فوجدت قنينة تحتوي على حبوب منومة، كانت تستعملهم كمهدئات
للاعصاب، شربت كل ما بالقنينة من حبوب، بعد ساعة من الزمن أغمي عليها، لا أحد ذهب
لرؤيت ما حل بها، ظنوا أنها نائمة لأنها اعتادت النوم طويلا، مرت الساعة و أتت
الأم من العمل متعبة : أميمة اين انتِ ها قد اتيت.. تعالي إلي قد احضرت لك معي بعض
الحلويات التي تعحبك
(بينما هي تنادي، وتبحث في كل
ركن من أركان البيت اتجهت لغرفة ابنتها فاطرقته لمرات عديدة دوم جدوى)