عريس في بلاد العوانس

 

كتبت – رجاء تلمساني




في اليوم الأبيض على الساعة التعيسة بتوقيت العرب كنت أنا وصديقتي العانس نجلس بمقهانا البائس، حيث كنا نتناول أطراف حديثنا اليومي حول الوصفة السحرية للحصول على فارس الاحلام الخفي.


وبينما أنا وهي نضع مواصفات الرجل المستقبلي، وسيم وأنيق، طويل ورشيق وغني وذكي، واذ بامرأة تتلصص على كلامنا وتتجه نحونا وترمقنا بنضرات فضولية وتتمتم بكلمات غير عادية، كأنها تحضر عفريتا أو جنية.


سألتنا إن كنا عازبتان ضحكنا لسؤالها منبهرتان، فقالت أعرف أنكما تبحتان عن عرسان، أجبناها نعم يا خالة فالحصول على عريس أصبح شطارة ومهارة لا تمتلكه كل النساء يا خالة، فمن تضفر بفارس الأحلام فهي اما ذات جاه ومال او تمتلك بيتا وسيارة.


الزواج يا خالة إذا لم يتحقق في حياتنا سيصبح كابوسا نعيشه بمرارة، فقد البسونا طوق العنوسة واحكموا إغلاقه، فتجاوزنا الثلاثين أصبح يهدد استقرارنا النفسي، فإن خلت صحيفتنا الجنائية من أي جريمة قانونية فنحن لا محالة أمام متابعة مجتمعية.


فالعنوسة أصبحت تاجا على رؤوسنا ووصمة عار تطاردنا نظرات وحسرات، وأدعية وابتهالات، تلك إذا مضايقات غبية تعكر صفو حياتنا اليومية، بكينا على شعورنا الشائبة وتحسرنا على بويضاتنا الهاربة والتي لا نملك تكلفة تخزينها فهي غالية.


العنوسة يا خالة فكرة فبركتها قلوب قاسية فرفعت أسهم المرأة المتزوجة في السوق الاجتماعي وبخست وحطت من قيمة المرأة العانس.


المرأة يا خالة خلقت لتصبح أما للعالم فالزواج نصيب وان تأخر فليس بيدها ولن يعيق لها طريق، فالعنوسة أنجبت أعظم النساء، معلمات فاضلات وطبيبات ماهرات واديبات واعدات ومخترعات ومبتكرات رفعن أعلام بلادهن في مختلف المناسبات.


وقد قدمن للعالم عقولهن ولم يبالين بقطار زواج قد فات، فهن غير مسؤولات عن عقلية مجتمع متحجر أو يحتضر وربما قد مات، فالشغل الشاغل فيه الحصول على عريس في بلاد العوانس.

Post a Comment

أحدث أقدم