سلسلة أبناؤنا والتكنولوجيا.. وقصة اللغة العرنسية!

 


 

كتبت – رجاء تلمساني

 

اللغة العرنسية أو لغة الشات تشبه إلى حد ما شيفرة موريس التي حيرت المخابرات الأجنبية، انها لغة العصر التكنولوجيا، لغة بسطت نفوذها على العالم الرقمي، لغة هجينة بأحرف لاتينية وبمعاني عربية، لغة يعتقد انها شبابية لكنها قديمة.

 

فوجودها تزامن مع وجود الهواتف المحمولة والتي لم تكن تدعم أنظمتها اللغة العربية، فبين غلاء المكالمات الهاتفية انداء ومجانية الرسائل النصية اضطر مستعملو الاختراع الجديد لابتكار طريقة جهنمية للتواصل عبر الرسائل في غياب تمكن من اللغة الفرنسية، فابتكروا اللغة العرنسية وطوروها مع تطور الهواتف الذكية، اضافوا اليها ارقام لتكتمل الشفرة النصية.

 

فرضت هذه اللغة نفسها على هواتفنا حتى بعد تدعيم الهواتف باللغة العربية، فلم تتراجع الظاهرة بل وزادت انتشارا بين جميع الفئات العمرية، وضاعت اللغة العربية سفيرة الادب والشعر وجرت في ذيولها الفرنسية لتعلن اللغات اعتزالها على المنصات الالكترونية.

 

فأبناءنا ضاعوا وضلوا وجهتهم فهم لا يتحدثون لغة عربية ولا متقنون لفرنسية، بل وهجروا وتخلو عن لغتهم المحلية، فإن أخطأت يوما وارسلت رسالة عربية لأصدقائك نعتوك بحفيد سيبويه وحامي حمى المكتبة العربية.

 

أبناؤنا فقدوا الهوية لصالح لغة هجينة همجية طمست لغة العلم والفكر وتاهوا في عالم التكنولوجيا الرقمية، لغة فرضت نفسها على هواتفنا الشخصية وصار حتى المثقفون والدارسون ينزلقون بين الحين والأخر برسائل عرنسية.

 

ومن النكت الحصرية اني أرسلت رسالة صوتية لطبيبي اسأله عن نتائج تحاليلي السريرية، ففاجأني برسالة مشفرة و كأنها سرية وما كان أمامي غير طلب مساعدة أجنبية، وإذا بابن اختي ذي 14ربيعا يحل شيفرة رسالتي في ثانية، خالتي الطبيب يقول كل شيء بخير.

 

تصوروا معي ما اغبانا في عصر الابداعات العقلية والعلمية، هل نخجل من أنفسنا كوننا لا نتقن اللغة العرنسية، الدخيلة على تفافتنا العربية والعالمية، انه زحف تواصلي خطير.

 

فهل باستطاعتنا مستقبلا تذكر اللغات العالمية، لأن التواصل أخذ أبعادًا جديدة واخترع لنفسه أبجدية رقمية، هي مصباح لشبابنا وعتمة وحسرة لأجيالنا التقليدية.

أحدث أقدم